هدية من الماضي

هدية من الماضي

في أحد الأيام الشتوية الباردة، وبينما كانت الأمطار تهطل بغزارة في شوارع القاهرة، كانت “ليلى”، فتاة في الثلاثين من عمرها، تجلس في غرفتها الصغيرة المطلة على الحديقة. كانت مشغولة بتنظيم صندوق قديم مليء بالذكريات، عثرت عليه في العلية بعد سنوات طويلة من الإهمال. كان الصندوق مغطى بطبقة سميكة من الغبار، وملفوفًا بشرائط قديمة بدأت تتآكل بفعل الزمن.

اكتشاف الصندوق

عندما فتحت ليلى الصندوق بحذر، انبعثت منه رائحة عتيقة حملت معها ذكريات غامضة. داخل الصندوق وجدت رسائل مكتوبة بخط اليد، صورًا بالأبيض والأسود، ومفكرة صغيرة كانت مغطاة بغلاف جلدي متآكل. شعرت ليلى بالفضول وبدأت تقلب بين محتويات الصندوق. كانت المفكرة تحتوي على يوميات كتبتها جدتها “فريدة” قبل أكثر من خمسين عامًا.

بين الصفحات، وجدت ليلى جملة مثيرة للاهتمام: “إذا كنتِ تقرئين هذه الكلمات، فقد حان الوقت لتكتشفي هديتي لكِ.” تساءلت ليلى عن معنى تلك الكلمات. لماذا كانت جدتها تخاطبها وكأنها تعلم أنها ستفتح هذا الصندوق؟

رسالة من الماضي

بدأت ليلى تقرأ اليوميات، وكان واضحًا أن جدتها فريدة كانت امرأة استثنائية، تتمتع بروح مرحة وقلب مليء بالأحلام. كانت اليوميات مليئة بقصص عن مغامراتها وشغفها بالحياة. ولكن أكثر ما أثار اهتمام ليلى كان ذكر جدتها لصندوق آخر، أخفته في مكان معين.

كتبت فريدة في أحد الصفحات: “الهدايا ليست دائمًا مادية، ولكن بعضها يحمل أسرارًا تغير حياتنا. إذا كنتِ تبحثين عن الإجابة، توجهي إلى المكان الذي شهد أجمل لحظاتي.”

البحث عن المكان

قررت ليلى أن تكتشف المكان الذي أشارت إليه جدتها. وبعد قراءة مستفيضة في اليوميات، أدركت أن جدتها كانت تشير إلى بيت العائلة القديم في حي “الزمالك”. كان هذا المنزل مهجورًا منذ سنوات، بعد وفاة أفراد العائلة الكبار.

في صباح اليوم التالي، ارتدت ليلى معطفها الشتوي، وأخذت معها المفتاح القديم الذي عثرت عليه في الصندوق، وتوجهت إلى المنزل. عند وصولها، شعرت بمزيج من الحنين والخوف. فتحت الباب ببطء ودخلت إلى المنزل المليء بالغبار والذكريات.

العثور على الهدية

بدأت ليلى تفحص المنزل غرفة تلو الأخرى، حتى وصلت إلى غرفة جدتها. كانت الغرفة مغطاة بطبقة سميكة من الغبار، ولكنها لا تزال تحتفظ بجوهرها القديم. لاحظت ليلى شيئًا غريبًا في الأرضية، حيث كان هناك لوح خشبي يبدو مختلفًا عن باقي الأرضية.

بحذر، أزالت اللوح لتجد صندوقًا صغيرًا مدفونًا تحته. كان الصندوق مزينًا بنقوش يدوية وأقفال صغيرة. باستخدام المفتاح الذي وجدته في الصندوق الأول، فتحت ليلى الصندوق لتجد بداخله مجموعة من الرسائل، وصورًا لعائلتها، وقلادة ذهبية محفور عليها عبارة: “الذكرى هي أثمن ما نملك.”

اكتشاف الرسالة الحقيقية

كانت الرسائل تحمل كلمات مؤثرة من جدتها، تخبر فيها ليلى عن أهمية العائلة والذكريات. كتبت جدتها: “الحياة قد تكون مليئة بالتحديات، ولكن الذكريات تمنحنا القوة لنستمر. هذه القلادة رمز لحب العائلة وروحها، وهي هديتي لكِ لتتذكري دائمًا أنكِ لستِ وحدكِ.”

التغيير الذي أحدثته الهدية

بعد تلك التجربة، شعرت ليلى بتغيير كبير في حياتها. بدأت تقضي وقتًا أطول مع أسرتها، وقررت أن تبدأ مشروعًا صغيرًا يهدف إلى توثيق قصص العائلات القديمة عبر الصور والرسائل. كانت تقول دائمًا إن هدية جدتها لم تكن مجرد قلادة، بل كانت درسًا عن قيمة الذكريات والارتباط العائلي.

خاتمة

كانت “هدية من الماضي” أكثر من مجرد اكتشاف لصندوق قديم، بل كانت رحلة مليئة بالمشاعر، أعادت إلى ليلى إحساسًا عميقًا بقيمة الأسرة والذكريات. وكلما ارتدت القلادة، كانت تشعر أن جدتها تبتسم لها من عالم آخر، ف

خورة بها وبالطريق الذي اختارته.

—