قصة عيسى ومعجزاته

قصة عيسى ومعجزاته

عيسى بن مريم، عليه السلام، هو أحد أعظم الأنبياء الذين أرسلهم الله لهداية البشرية. ولد بمعجزة إلهية، فقد جاءت ولادته دليلاً على قدرة الله وعظمته. تبدأ قصته بمريم، أمه الطاهرة، التي اختارها الله لتكون وعاءً لهذه المعجزة الكبرى.

البشارة والولادة المعجزة

كانت مريم تعيش في كنف العبادة والطاعة لله، مختلية في محرابها عندما جاءها الملاك جبريل، عليه السلام، يبشرها بميلاد ابن عظيم سيكون آية للعالمين. قالت: “كيف يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أكُ بغيًّا؟” فأجابها جبريل: “كذلك قال ربك هو عليَّ هيِّنٌ ولنجعله آية للناس ورحمة منا.”

حملت مريم بعيسى بمعجزة إلهية دون أن يمسها رجل. وعندما جاءها المخاض، ابتعدت إلى مكان بعيد، وهناك وضعت طفلها تحت جذع نخلة يابسة. وهنا جاءت أولى المعجزات حين أنطق الله الطفل عيسى وهو في مهده ليطمئن قلب أمه، وقال لها: “لا تحزني، قد جعل ربك تحتك سريًّا.” كما أنزل الله لها رطبًا طريًّا من النخلة اليابسة وجعل ماءً يجري بجانبها لتتقوى به.

النطق في المهد

عادت مريم إلى قومها تحمل الطفل، فاتهموها بالسوء وقالوا: “يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيًّا!” فأشارت مريم إلى الطفل، وهنا وقعت المعجزة العظيمة. تكلم عيسى في مهده قائلاً: “إني عبد الله، آتاني الكتاب وجعلني نبيًّا، وجعلني مباركًا أينما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيًّا.”

هذا النطق الإعجازي كان علامة واضحة على أنه نبي مرسل من الله، ولكن كثيرًا من بني إسرائيل لم يؤمنوا واعتبروا الأمر سحرًا.

الدعوة إلى الله والمعجزات

كبر عيسى عليه السلام، وبدأ دعوته إلى بني إسرائيل، يدعوهم إلى عبادة الله الواحد واتباع شرعه. أيده الله بالعديد من المعجزات التي كانت تثبت نبوته وتظهر قدرة الله.

معجزة إحياء الموتى

كان من أبرز معجزاته قدرته على إحياء الموتى بإذن الله. كان إذا دعا الله وأمر الموتى بالقيام، كانوا يحيون ويعودون للحياة. حدث هذا أمام أعين الناس، فكان دليلاً لا يمكن إنكاره على أنه نبي مرسل.

معجزة شفاء المرضى

كان عيسى عليه السلام يشفي المرضى الذين يعانون من أمراض مستعصية. شفى الأكمه، وهو الذي ولد أعمى، وأعاد إليه بصره. كما شفى الأبرص الذي كان يعاني من مرض جلدي خطير، وكل ذلك كان يحدث بكلمة منه: “كن بإذن الله.”

خلق الطير من الطين

كان عيسى يأخذ الطين ويصنع منه شكل طير، ثم ينفخ فيه، فيصبح طيرًا حيًّا بإذن الله. هذه المعجزة أثارت دهشة الناس وأكدت أن الله أيده بقوى خارقة.

نزول المائدة من السماء

طلب الحواريون من عيسى عليه السلام أن يدعو الله لإنزال مائدة من السماء تكون لهم عيدًا ولتطمئن قلوبهم. دعا عيسى ربه، فأنزل الله مائدة مليئة بالرزق، ولكن الله حذرهم من الكفر بعد رؤيتها.

الدروس والعبر

كان عيسى عليه السلام نموذجًا للطاعة المطلقة لله والتواضع. كان دائمًا يشدد على أنه عبد لله، لا إله ولا ابن إله كما ادعى بعض أتباعه بعده. كان يدعو الناس للرحمة والمحبة، وكان يوجه بني إسرائيل للابتعاد عن الظلم والنفاق.

رغم المعجزات الكثيرة التي أظهرها، كان هناك من بني إسرائيل من كفروا به واتهموه بالسحر. تآمروا عليه مع الرومان ليقتلوه، ولكن الله نجاه من كيدهم.

رفع عيسى إلى السماء

أحاط أعداء عيسى بيته ليقتلوه، ولكن الله رفعه إلى السماء وألقى شبهه على رجل آخر. ظنوا أنهم قتلوه وصلبوه، ولكن الحقيقة أن عيسى لم يمت بل رفعه الله وسينزل مرة أخرى في آخر الزمان.

قال الله في القرآن: “وما قتلوه وما صلبوه ولكن شُبِّه لهم.” سيعود عيسى عليه السلام في آخر الزمان ليكمل رسالته ويقضي على الظلم.

الخاتمة

قصة عيسى عليه السلام مليئة بالعبر والدروس. إنها تذكرنا بعظمة الله وقدرته، كما تبرز أهمية الإيمان والصبر أمام التحديات. كان عيسى رسول السلام والمحبة، وأظهر للعالم أن القوة الحقيقية ليست في الظلم، بل في الإيمان بالله والعمل الصالح.

عيسى بن مريم هو آية من آيات الله ومعجزة خالدة تدعونا للتفكر والإيمان.