عندما يتكلم الصمت

عندما يتكلم الصمت

https://elgazwey.group/

في قرية صغيرة محاطة بجبال شاهقة وأشجار كثيفة، كانت تعيش فتاة تدعى “ليلى”. كانت ليلى معروفة بجمالها وهدوئها، لكنها كانت تحمل في قلبها سرًا لم تبح به لأحد. فقد كانت تمتلك قدرة خارقة على فهم ما وراء الكلمات، والاستماع إلى لغة الصمت.

ليلى كانت تعيش مع والدتها في منزل صغير بجانب النهر. كان النهر يجلب الحياة إلى القرية، ولكنه كان أيضًا يحمل ذكريات قديمة عن ماضٍ غامض. منذ طفولتها، كانت ليلى تشعر بأنها مختلفة عن الآخرين. لم تكن تحتاج إلى كلمات لتفهم ما يشعر به الناس، فقد كانت تقرأ أفكارهم من خلال نظراتهم وحركاتهم. كان ذلك موهبة غريبة لكنها أحيانًا كانت عبئًا ثقيلًا.

اللقاء الأول مع الغريب

https://elgazwey.group/

ذات يوم، وبينما كانت ليلى تسير بجانب النهر، ظهر رجل غريب في القرية. كان يرتدي عباءة سوداء ويحمل حقيبة صغيرة. كان وجهه يحمل ملامح حزينة وعيناه تتحدثان بصمت مؤلم. اقترب منها وسألها عن الطريق إلى الجبال، لكنها شعرت أنه لا يبحث عن الجبال، بل عن شيء أعمق.

“لماذا تريد الذهاب إلى الجبال؟”، سألته ليلى بصوت هادئ. لم يجبها، لكنه نظر إليها بنظرة حملت كل الألم الذي يمكن لإنسان أن يشعر به. عندها، فهمت أنه فقد شيئًا عزيزًا عليه.

سر الجبال

https://elgazwey.group/

قررت ليلى أن ترافق الرجل الغريب إلى الجبال. كانت تشعر أن رحلته هذه ليست مجرد رحلة عادية، بل هي رحلة بحث عن الحقيقة والشفاء. أثناء الطريق، كان الرجل قليل الكلام، لكن عينيه كانت تتحدثان عن قصص مليئة بالألم والخسارة. أخبرها في لحظة صراحة نادرة أنه فقد زوجته وابنته في حادث مأساوي، وأنه جاء إلى هذه الجبال للبحث عن السلام الداخلي.

لغة الصمت

https://elgazwey.group/

خلال الرحلة، بدأت ليلى تعلم الرجل الغريب كيف يستمع إلى لغة الصمت. كانت تقول له: “في الصمت، تجد الإجابات التي لا تستطيع الكلمات التعبير عنها. عليك فقط أن تنصت”. ومع مرور الأيام، بدأ الرجل يشعر بتغير داخلي. أصبح أكثر هدوءًا وأقل شعورًا بالذنب.

الجبل الموعود

https://elgazwey.group/

عندما وصلا إلى قمة الجبل، كان المنظر مذهلًا. السماء الزرقاء الصافية والهواء النقي جعلاهما يشعران بالسلام. جلس الرجل وأغمض عينيه، بينما كانت ليلى تراقبه بصمت. شعرت بأنه أخيرًا بدأ يجد الراحة التي يبحث عنها.

فجأة، فتح الرجل حقيبته وأخرج دفترًا قديمًا وصورة لزوجته وابنته. أعطاها لليلى وقال: “هذا ما كنت أحمله معي طوال هذه السنوات. الآن، أشعر أنني مستعد لتركه هنا”. دفن الدفتر والصورة تحت شجرة كبيرة، ووقف للحظة يستنشق الهواء بعمق.

العودة إلى القرية

https://elgazwey.group/

عندما عادا إلى القرية، كان الرجل يبدو مختلفًا تمامًا. كان يشع نورًا من داخله وكأنه ولد من جديد. شكر ليلى وقال لها: “لقد علمتني شيئًا لم أكن أعرفه. الصمت يتحدث أحيانًا أكثر من الكلمات”.

بعد مغادرة الرجل، أصبحت ليلى محط اهتمام أهل القرية. بدأ الناس يأتون إليها ليسألوها عن نصائحها وحكمتها. أدركت أن موهبتها ليست عبئًا، بل هدية يمكن أن تساعد الآخرين.

سؤال للقارئ

هل سبق لك أن استمعت إلى لغة الصمت؟ وكيف يمكن أن تغير حياتك إذا فعلت ذلك؟

https://elgazwey.group/