عندما غاب القمر

عندما غاب القمر

في إحدى الليالي الحالكة، اجتمع أهل قرية صغيرة تُدعى “النور” حول نار مشتعلة وسط ساحة القرية. كان الجو يعبق برائحة الخشب المحترق، والأصوات الخافتة للهمسات بين القرويين تملأ المكان. تلك الليلة لم تكن كأي ليلة؛ فقد اختفى القمر بشكل غريب ومفاجئ، تاركًا السماء مظلمة على غير عادتها.

البداية المريبة

بدأت القصة قبل أسابيع قليلة، عندما لاحظ السكان تغيرات غير عادية في السماء. كان القمر يبدو أصغر حجمًا كل ليلة، وكأن شيئًا ما يأكله تدريجيًا. في البداية، ظن القرويون أنها مجرد ظاهرة طبيعية أو خسوف مؤقت. لكن مع مرور الوقت، أدركوا أن الأمر أبعد من مجرد ظاهرة.

ذهب “إلياس”، وهو فلكي القرية، إلى التلال العالية ليلاً لمراقبة السماء. كان إلياس معروفًا بحكمته وشغفه بعلم الفلك. عندما عاد إلياس إلى القرية، كان وجهه شاحبًا وعيناه تحملان قلقًا عميقًا. أخبرهم أن القمر يختفي بسبب قوة غامضة لا يستطيع تفسيرها.

رحلة البحث عن الحقيقة

اتفق أهل القرية على تشكيل فريق للبحث عن سر اختفاء القمر. كان الفريق مكونًا من “سلمى”، الفتاة الشجاعة التي عُرفت بذكائها؛ و”عمر”، الصياد القوي الذي يملك قلبًا شجاعًا؛ و”إلياس” الذي قاد الرحلة بعلمه وخبرته.

بدأت رحلتهم في الغابة الكثيفة المحيطة بالقرية. كان الليل مظلمًا جدًا، مما زاد من صعوبة التنقل. أشعلوا المصابيح الزيتية وتقدموا بحذر، بينما كانت أصوات الحيوانات الليلية تضفي جوًا من الغموض. فجأة، لاحظت سلمى نورًا خافتًا يتسلل من بين الأشجار. اقتربوا بحذر ليجدوا كهفًا مظلمًا ينبعث منه النور الغامض.

الكهف السحري

عندما دخلوا الكهف، وجدوا مشهدًا مذهلاً: كرة بلورية ضخمة تتوسط الكهف، تشع بضوء فضي يشبه نور القمر. اقترب إلياس منها بحذر، ولاحظ أن الكرة البلورية تحتوي على نقش غامض بلغة قديمة لم يفهمها سوى هو. قرأ النقش بصوت عالٍ: “لإعادة القمر، عليك مواجهة حارس النور”.

فجأة، اهتزت الأرض، وظهر مخلوق ضخم يشبه الذئب ولكنه مشع بالنور. كان “حارس النور” يقف أمامهم، ينظر إليهم بعينين متوهجتين. قال بصوت عميق: “لماذا تسعون لاستعادة القمر؟”

أجاب عمر بشجاعة: “القمر هو نبض الحياة لنا. بدونه، تختفي الأمل والسكينة من قلوبنا.”

الاختبار

قال الحارس: “لن أُعيد القمر إلا إذا أثبتم أنكم تستحقون نوره. أمامكم ثلاثة اختبارات: الشجاعة، الحكمة، والإخلاص.”

في الاختبار الأول، واجهوا ممرًا مليئًا بالفخاخ. استخدم عمر قوته وشجاعته لفتح الطريق. في الاختبار الثاني، كان عليهم حل لغز معقد. استخدمت سلمى ذكاءها وحلته ببراعة. أما في الاختبار الأخير، فكان عليهم التضحية بشيء عزيز لإثبات إخلاصهم. ضحى إلياس بأغلى كتبه الفلكية، والتي كانت تمثل حياته كلها.

عودة القمر

بعد اجتياز الاختبارات، انحنى الحارس احترامًا وقال: “لقد أثبتم أنكم تستحقون نور القمر.” ثم لمس الكرة البلورية، لتنبعث منها موجة من النور امتدت إلى السماء. عاد القمر ليضيء بنوره الفضي، وعادت الحياة إلى طبيعتها في القرية.

عاد الفريق إلى القرية وهم يحملون القصة المذهلة. أصبحت ليلة عودة القمر أسطورة تُروى للأجيال القادمة، تحمل في طياتها دروسًا عن الشجاعة، العمل الجماعي، والإخلاص.

ماذا ستفعل إذا وجدت نفسك في موقف يتطلب منك التضحية بشيء ثمين لإنقاذ شيء أعز؟