ظل لا ينتمي لصاحبه

ظل لا ينتمي لصاحبه

في مدينة صغيرة تغمرها أشعة الشمس نهارًا وتكتسي غموضًا ليلاً، عاش فتى يدعى “سامر”. كان سامر يعمل في مكتبة عتيقة، يعشق قراءة الكتب القديمة التي تحمل بين طياتها أسرار العالم وحكاياته الغريبة. لكن حياته انقلبت رأسًا على عقب في يوم هادئ، عندما لاحظ أن ظله لا يتبع خطواته كما يجب.

بدأت القصة في صباح يوم مشرق، عندما كان سامر يعبر الطريق إلى المكتبة. لاحظ أن ظله يتأخر عنه بنصف خطوة. في البداية، اعتقد أن الأمر مجرد وهم بصري، لكنه مع مرور الوقت تأكد أن هناك خطبًا ما. ظله لم يكن يلتزم بالقواعد الطبيعية، بل بدا وكأنه يمتلك إرادة مستقلة.

مع مرور الأيام، بدأ الظل يزداد غرابة. كان يتحرك عندما يقف سامر، ويجلس عندما يمشي، وأحيانًا كان يختفي تمامًا ليعود فجأة في أماكن غير متوقعة. ذات ليلة، بينما كان سامر يقرأ كتابًا قديمًا في المكتبة، رأى ظله يتحرك داخل الغرفة بشكل مستقل عنه. شعر بالخوف، لكنه قرر مواجهة الموقف.

بحث سامر في الكتب القديمة عن أي شيء يتعلق بالظلال الغريبة. بعد أيام من البحث، وجد مخطوطة قديمة تتحدث عن “الظل الحي”، وهو كيان يولد من رغبات مكبوتة أو أفعال ندم عليها صاحبها. أدرك سامر أن هذا الظل ربما كان نتيجة خطأ ارتكبه في الماضي.

قرر سامر مواجهة ظله وجهًا لوجه. في ليلة مظلمة، جلس في غرفته وأشعل شمعة واحدة. نظر إلى الجدار حيث انعكس الظل وقال:
“من أنت؟ ولماذا تلاحقني؟”

لدهشته، تحدث الظل بصوت خافت ولكنه واضح:
“أنا جزء منك، سامر. أنا أخطاؤك التي تحاول الهروب منها، وقراراتك التي لم تواجه عواقبها. لن أرحل حتى تعترف بي وتتصالح مع ماضيك.”

بدأ سامر في التفكير في كل شيء حدث في حياته. تذكر لحظات ضعف أهمل فيها أصدقاءه، وأوقات أخفى فيها الحقيقة خوفًا من المواجهة. كانت تلك اللحظات قد تركت ندوبًا في روحه، والآن تجسدت في هذا الظل الغريب.

استغرق الأمر أيامًا، لكن سامر بدأ في تصحيح أخطائه. زار أصدقاءه القدامى، اعتذر عن أخطائه، وواجه ماضيه بشجاعة. مع كل خطوة إيجابية، بدأ الظل يعود إلى طبيعته شيئًا فشيئًا.

في النهاية، في ليلة هادئة تحت ضوء القمر، وقف سامر أمام مرآته ورأى ظله يعود لطبيعته، يتحرك بتناغم مع حركاته. ابتسم سامر، فقد أدرك أن الظل لم يكن عدوه، بل كان مرآة لنفسه، وأداة لمساعدته على النمو والتغيير.

وهكذا، عاد سامر إلى حياته الطبيعية، لكن بدرس لا يُنسى: الماضي ليس سجنًا، بل فرصة للتعلم والمصالحة.