صوت الخطوات في الليل – عالم القصص
كان الليل هادئًا بشكل مخيف في القرية الصغيرة الواقعة بين التلال. الغيوم الكثيفة حجبت ضوء القمر، مما جعل الظلام أكثر كثافة. كانت الأزقة فارغة، وأبواب المنازل مغلقة بإحكام. وحده صوت الرياح التي تعبر بين الأشجار يكسر الصمت المخيم.
في منزل قديم على أطراف القرية، جلست ليلى بجانب المدفأة تحاول التركيز على قراءة كتاب قديم. كان المنزل ملكًا لجدتها التي ورثته عنها قبل سنوات. ورغم جماله وهدوئه، إلا أن شيئًا غريبًا كان دائمًا يثير قلقها. في كل ليلة، كانت تسمع صوت خطوات غامضة على الأرض الخشبية في الطابق العلوي.
البداية الغامضة – عالم القصص
في البداية، اعتقدت ليلى أن الصوت ربما يكون بسبب تمدد الخشب أو حركة الرياح القوية. لكنها لاحظت أن الخطوات تتكرر بشكل منتظم وكأنها خطوات شخص يمشي ببطء. حاولت تجاهل الأمر، ولكن الفضول بدأ يسيطر عليها تدريجيًا.
في تلك الليلة، كانت الرياح عاصفة، لكن الخطوات كانت واضحة جدًا. وضعت ليلى الكتاب جانبًا، وأمسكت بمصباح يدوي قديم، وقررت أن تتحقق بنفسها. صعدت السلم الخشبي بحذر شديد، وكلما اقتربت من الطابق العلوي، زاد شعورها بالتوتر.
المواجهة الأولى – عالم القصص
عندما وصلت إلى الطابق العلوي، لم تجد شيئًا غريبًا. الغرفة كانت خالية تمامًا، والنوافذ مغلقة بإحكام. تنفست الصعداء وعادت إلى الطابق السفلي. لكنها عندما جلست مرة أخرى بجانب المدفأة، سمعت صوت الخطوات مرة أخرى. هذه المرة، كان الصوت قريبًا جدًا.
التفتت بسرعة، لكنها لم ترَ شيئًا. شعرت بقشعريرة تسري في جسدها، وبدأت تتساءل عما إذا كان المنزل مسكونًا. قررت أن تقضي الليلة في غرفة صغيرة بجانب المدفأة، حيث شعرت بأنها أكثر أمانًا.
اكتشاف الرسالة – عالم القصص
في صباح اليوم التالي، قررت ليلى البحث عن أي دليل قد يفسر ما يحدث. بدأت بالتفتيش في الأدراج القديمة والخزائن المهملة. وبينما كانت تفتح درجًا قديمًا في إحدى الغرف العلوية، وجدت رسالة قديمة. كان الورق مصفرًا بالحجم، لكن الكلمات كانت واضحة.
كانت الرسالة مكتوبة بخط يد أنيق، وتحكي عن رجل يدعى يوسف كان يعيش في المنزل قبل سنوات طويلة. تحدثت الرسالة عن اختفاء غامض ليوسف ليلة عاصفة، وعن إشاعات تقول إن روحه ما زالت تتجول في المنزل. شعرت ليلى بالدهشة والخوف، لكنها كانت مصممة على كشف الحقيقة.
البحث عن الحقيقة – عالم القصص
قررت ليلى أن تسأل سكان القرية عن قصة يوسف. زارت جارًا مسنًا كان يعرف الكثير عن تاريخ القرية. أخبرها الرجل أن يوسف كان رجلًا وحيدًا وطيب القلب، لكنه تعرض لخيبة أمل كبيرة في حياته بعد فقدان زوجته وابنته في حادث مأساوي. وبعد اختفائه، لم يتم العثور على أي أثر له.
أضاف الرجل أن العديد من الأشخاص الذين أقاموا في المنزل بعد يوسف تحدثوا عن سماع أصوات غامضة، لكن لم يجرؤ أحد على البقاء فيه لفترة طويلة. كانت ليلى تشعر برغبة أكبر في فهم ما يحدث، وقررت أن تبقى في المنزل وتواجه ما يخفيه الليل.
ليلة المواجهة الكبرى – عالم القصص
في تلك الليلة، جهزت ليلى نفسها. أضاءت كل زوايا الطابق السفلي، وأمسكت بمصباح يدوي قوي. جلست في الظلام تنتظر. ومع منتصف الليل، بدأت الخطوات مجددًا. هذه المرة، لم تكن فقط على الطابق العلوي، بل شعرت وكأنها تتحرك نحوها مباشرة.
جمعت شجاعتها ووقفت، متجهة نحو مصدر الصوت. عندما وصلت إلى السلم، رأت ظلًا يتحرك ببطء. شعرت بقلبها ينبض بسرعة، لكنها نادت بصوت مرتجف: “من هناك؟”. فجأة، توقف الصوت، واختفى الظل.
الكشف عن السر – عالم القصص
بينما كانت تتفقد المكان، لاحظت لوحًا خشبيًا في الأرضية يبدو مختلفًا عن غيره. رفعت اللوح لتجد صندوقًا قديمًا. داخل الصندوق، وجدت مذكرات يوسف. كانت المذكرات تحكي عن حزنه وشعوره بالوحدة، وكيف كان يقضي لياليه يمشي في المنزل محاولًا تهدئة نفسه.
لكن المذكرات توقفت عند يوم اختفائه. كانت آخر جملة كتبها: “ربما يأتي يوم تجد فيه روحي السلام”. شعرت ليلى بالحزن وقررت أن تكرم ذكرى يوسف. أعدت ترتيب الغرفة العلوية، ووضعت شمعة صغيرة بجانب مذكراته، ودعت له بالسلام.
النهاية والسكينة – عالم القصص
بعد تلك الليلة، لم تعد ليلى تسمع صوت الخطوات. شعرت وكأن الروح التي كانت تجوب المنزل قد وجدت السلام أخيرًا. أدركت ليلى أن المنزل لم يكن مسكونًا بشبح مخيف، بل بروح تبحث عن الطمأنينة.
عاشت ليلى في المنزل بسلام، وكلما سمعت الرياح تعصف في الخارج، كانت تتذكر قصة يوسف وتدعو له. المنزل الذي كان مصدر خوفها أصبح مكانًا مليئًا بالذكريات والقيم الإنسانية.
ماذا كنت ستفعل لو كنت مكان ليلى؟ – عالم القصص