رحلة الانتقام عبر التاريخ العميق
وسط الظلام الذي يلف مدينة بابل العريقة، جلس “أركان” بين جدران زنزانته الباردة، يعدُّ الأيام والليالي، وكل نبضة في صدره تنطق بلهب الانتقام. قبل خمسة أعوام، كان قائدًا شجاعًا بين جيوش بابل، حتى جاء ذلك اليوم الذي غيَّر مصيره إلى الأبد.
خيانةٌ مدبَّرة، تهمة زائفة بالخيانة العظمى، وسجَّان لا يعرف الرحمة… كل هذا خطَّته يدُ “نبوخذ”، أحد كبار القادة الطامعين في الحكم. بينما كان أركان ينظر إلى القمر عبر نافذته الصغيرة، أقسم على استرداد حقه، واستعادة مجده المسلوب.
الهروب من القيود
في الليلة الموعودة، كان القمر مكتملًا، وكأن السماء تعاطفت مع أركان. استخدم قطعة معدنية صقلها لأسابيع، وقام بفتح قيده بصمت. تسلل خارج الزنزانة بين الظلال، مستخدمًا معرفته التامة بأزقة السجن وسلوكيات الحراس.
عند خروجه من السجن، انطلق إلى معبده القديم حيث خبّأ درعه وسيفه، منتظرًا هذا اليوم لسنوات. كان قلبه ينبض بقوة، لكنه لم يكن ينبض خوفًا، بل حماسةً ليبدأ رحلته في الانتقام.
رحلة عبر العصور
هرب أركان من بابل إلى أطراف الإمبراطورية، حيث التقى برجل حكيم يُدعى “أطروس”، كان يعرف أسرارًا دفينة عن أسلاف بابل وحضارات أخرى. أخبره أطروس عن “الختم الأزلي”، وهو أداة قيل إنها تمنح القوة لمن يستحقها، وكانت مخبأة في أحد معابد المصريين القدماء.
قرر أركان أنه لا بد من الحصول على هذه القوة ليواجه “نبوخذ”، فسافر إلى مصر متخفيًا بين القوافل. هناك، وجد نفسه بين أسرار الأهرامات وألغاز الفراعنة. واجه الفخاخ والخدع، حتى وصل إلى الغرفة السرية التي حُفظ فيها الختم.
ولكن لم يكن وحده. ظهر كاهنٌ مصري قديم، ناظرًا إليه بعينين تضجان بالحكمة. قال له: “القوة ليست لمن يبحث عن الانتقام فقط، بل لمن يفهم المعنى الحقيقي للعدالة”. عندها، أدرك أركان أن رحلته ليست مجرد انتقام، بل استعادة توازن الحكم في بابل.
أخذ الختم، لكنه شعر بثقله. كان يعلم أن امتلاك القوة مسؤولية كبرى، وليس مجرد وسيلة للانتقام.
العودة والمواجهة الحاسمة
عاد أركان إلى بابل متخفيًا، يجمع أنصاره القدامى، الذين ما زالوا مخلصين له. عندما حانت اللحظة المناسبة، اقتحم القصر مع رجاله، ليجد نبوخذ جالسًا على العرش، متكئًا بغرور.
ضحك نبوخذ ساخرًا: “هل تظن أنني لم أتوقع عودتك؟ لقد انتظرتك طويلًا يا أركان”.
لكن أركان لم يكن الرجل الذي تركوه في السجن، فقد تعلَّم أن القتال ليس القوة الوحيدة التي تحكم الأمم، بل العدل والشجاعة. في معركة حامية، سقط نبوخذ تحت وطأة سيف أركان، لكن القائد المنتصر لم يقتله، بل وقف فوقه قائلاً: “العدل لا يُبنى بالدم، بل بالحكمة”.
ما بعد الانتقام
بعد استعادة الحكم، لم يسعَ أركان للانتقام ممن خانوه، بل أعاد ترتيب المملكة، وجعل العدل أساس حكمه. لم يكن الانتقام نهاية رحلته، بل البداية لحضارة أقوى.
ولكن السؤال لك الآن: هل كان أركان محقًا في قراره بعدم قتل نبوخذ، أم أن العدل أحيانًا يحتاج إلى عقاب رادع؟