خلف الأبواب المغلقة

خلف الأبواب المغلقة

“عالم القصص”

في أحد الأحياء الهادئة التي تغمرها أضواء المساء، كانت هناك شقة صغيرة في الطابق الثالث لمبنى قديم. كانت هذه الشقة مكانًا يعيش فيه السيد عادل مع ابنته الصغيرة مريم. رغم بساطة المكان، كان مليئًا بالذكريات التي تحمل بين طياتها ألمًا وفرحًا.

عادل كان رجلًا في الأربعينيات من عمره، يمتلك قلبًا مليئًا بالحب والمسؤولية تجاه ابنته. زوجته رحلت منذ سنوات، تاركة وراءها فراغًا لا يملؤه سوى ضحكات مريم وفضولها اللامحدود. كانت مريم تبلغ من العمر ثماني سنوات فقط، لكنها كانت ذكية وحادة الملاحظة بطريقة تفوق عمرها.

“بابا، لماذا لا ندخل تلك الغرفة أبدًا؟” سألت مريم بينما كانت تشير إلى الغرفة التي تقع في نهاية الممر الضيق داخل الشقة. كانت تلك الغرفة مغلقة دائمًا، ولم يسمح عادل لأحد بالدخول إليها، حتى مريم نفسها.

تردد عادل للحظة ثم أجاب بحنان: “هذه الغرفة مليئة بأشياء قديمة يا مريم. ليست مهمة.” لكنه شعر بوخزة في قلبه. الحقيقة أن الغرفة كانت تحمل ذكريات مؤلمة عن زوجته الراحلة.

“ولكن، ألا يمكننا ترتيبها؟” سألت مريم بعينين بريئتين.

تنهد عادل وقال: “ربما يومًا ما يا صغيرتي.”

لكن مريم لم تستطع كبح فضولها. في إحدى الليالي، عندما كان والدها غارقًا في النوم، قررت استكشاف الغرفة. فتحت الباب ببطء ودخلت. كانت الغرفة مظلمة ومليئة بالأتربة، لكنها لاحظت صندوقًا خشبيًا كبيرًا في الزاوية. عندما فتحته، وجدت داخله رسائل قديمة وصورًا تجمع والديها في أيامهما السعيدة.

بينما كانت تتصفح الصور، وجدت دفتر مذكرات صغيرًا. بدأت تقرأ الصفحات، لتكتشف قصة حب والديها التي لم تكن تعرف عنها سوى القليل. عرفت كيف التقيا في الجامعة، وكيف تغلبا على صعوبات الحياة سويًا، وكيف كانت والدتها دائمًا تحلم بمستقبل مشرق.

لم تستطع مريم إخفاء الدموع التي انسابت على وجنتيها. لكنها شعرت أيضًا بالفخر والحب تجاه والديها. في صباح اليوم التالي، قررت أن تواجه والدها بما اكتشفته.

“بابا، لماذا لم تخبرني عن هذه القصة الجميلة؟” سألت مريم بينما كانت تمسك بدفتر المذكرات.

نظر عادل إلى الدفتر في يدها وشعر بمزيج من الصدمة والحنين. جلس بجانبها وقال: “كنت أخاف أن أعيد لكِ ذكريات مؤلمة يا مريم. لكن ربما حان الوقت لأشاركك كل شيء.”

جلس عادل يروي لمريم تفاصيل حياته مع والدتها، وكيف كانت مصدر قوة وإلهام له. تحدث عن الأيام الصعبة التي واجهها بعد رحيلها، وكيف كان وجود مريم هو السبب الذي دفعه للاستمرار.

بعد هذا الحديث، قرر عادل ومريم أن يعيدا ترتيب الغرفة معًا. أصبحت الغرفة مكانًا مليئًا بالذكريات الجميلة، وزُيِّنت بالصور والرسائل التي وجدوها. لم تعد الغرفة مغلقة، بل أصبحت رمزًا للحب والأمل.

ما هو الشيء الذي كنت تخشى مواجهته لفترة طويلة، وكيف يمكنك أن تجعله مصدر قوة لك؟