حكاية غموض في المدينة

في إحدى الليالي الباردة، وبين أزقة المدينة القديمة، كانت الأضواء الخافتة تعكس ظلال المباني العتيقة على الأرض المبللة بالمطر. وقف “آدم” أمام نافذة مقهى صغير، يراقب الشارع الخالي، وذهنه مشوش بسبب رسالة غامضة وصلته منذ ساعات.

كانت الرسالة مقتضبة: “تعال إلى شارع المئذنة، الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، وستكتشف الحقيقة”. لم يكن هناك اسم مرسل، ولم يكن يعرف أحدًا في هذا الشارع. لكن شيئًا ما في داخله دفعه إلى الذهاب.

حين اقترب من المكان، وجد أن الشارع أكثر ظلمة مما توقع، كأن المدينة بأكملها قد تجنبت هذه البقعة. تقدم بخطوات حذرة حتى لمح رجلاً يقف تحت مصباح قديم، يضع يديه في جيبه، ويراقبه بثبات.

قال الرجل بصوت هادئ: “آدم؟”، فأجابه بصوت متردد: “نعم، من أنت؟”.

ابتسم الرجل قليلاً قبل أن يقول: “لدي ما تبحث عنه، لكن عليك أن تثق بي”. أخرج من جيبه مغلفًا أسود وسلمه لآدم قبل أن يختفي في الظلام.

فتح آدم المغلف على الفور، ليجد بداخله صورة قديمة لمنزل مهجور، وعليها كتابة بخط يدوي: “المفتاح تحت الحجر الأول عند الباب”. شعر بقشعريرة تسري في جسده، لكنه كان يعلم أن التراجع لم يعد خيارًا.

وصل إلى المنزل المهجور بعد ساعة، وكان يبدو وكأنه لم يدخله أحد منذ سنوات. بحث عن الحجر المشار إليه ورفعه، ليجد مفتاحًا صدئًا تحته. تردد لثوانٍ، لكنه في النهاية دفع الباب ليدخل.

كان المنزل يعج بالغبار، والهواء يحمل رائحة العتق والرطوبة. على الجدران، كانت هناك صور قديمة لعائلات لم يعرفها، وأثاث مغطى بقطع قماش بيضاء. بدأ يتقدم بحذر حتى لمح صندوقًا خشبيًا فوق طاولة قديمة.

حين فتح الصندوق، وجد داخله دفترًا قديمًا. قلب صفحاته، ليكتشف أنه يحوي مذكرات شخص يُدعى “يوسف”، يتحدث فيها عن أسرار خطيرة حول جرائم قديمة لم تُحل، وفساد طال شخصيات نافذة في المدينة. وبين الصفحات، وجد صورة لرجل مألوف… إنه الرجل الذي التقاه قبل قليل!

شعر آدم بأن هناك من يراقبه، فالتفت بسرعة، لكن لم يرَ أحدًا. تسارعت دقات قلبه وقرر مغادرة المكان، لكنه أدرك أن خروجه لن يكون سهلاً.

هل سيستطيع آدم كشف الحقيقة؟ أم أن هذه الليلة ستكون الأخيرة له في هذه المدينة الغامضة؟