حكاية العجوز الذي علم الشباب درساً

حكاية العجوز الذي علم الشباب درساً

في قرية هادئة تقع بين الجبال الشاهقة، عاش عجوز يُدعى “العم حكيم”. كان رجلًا بسيطًا، ولكن كلماته تحمل حكمة استمدها من سنوات طويلة من التجارب والمحن. اشتهر العم حكيم بحكمته ونظرته العميقة للحياة، وكان الجميع في القرية يلجأون إليه طلبًا للنصيحة.

على أطراف القرية، اعتاد مجموعة من الشباب التجمع يوميًا تحت شجرة كبيرة، حيث يقضون وقتهم في الحديث واللعب أحيانًا. كانوا معروفين بتهورهم واستهزائهم بالأكبر سنًا، وكانوا يرون أن الجيل القديم لا يفهم شيئًا عن العالم الحديث.

ذات يوم، قرر أحد الشباب، يُدعى فهد، أن يسخر من العم حكيم ويثبت للجميع أن حكمته مجرد خرافات. جمع أصدقاءه وقال لهم: “دعونا نختبر حكمة هذا العجوز. سنخترع قصة ونسأله عنها، وسنرى إن كان يستطيع الإجابة”. رحب الجميع بالفكرة، وبدأوا يخططون.

بداية الحيلة

في اليوم التالي، ذهب الشباب إلى بيت العم حكيم. كان يجلس في حديقته الصغيرة، ينحت قطعة خشب بمهارة. اقترب فهد وقال: “يا عم حكيم، سمعنا أنك رجل حكيم، ونريد أن نختبر حكمتك.” رفع العم حكيم عينيه وقال بابتسامة هادئة: “الحكمة ليست اختبارًا يا بني، ولكن اسألوا ما شئتم.”

أخذ فهد بين يديه عصفورًا صغيرًا كان قد أمسكه في الطريق وقال: “هذا العصفور، هل هو حي أم ميت؟” كان الشباب يعلمون أن الإجابة ليست سهلة؛ إذا قال العجوز إنه حي، فسيقوم فهد بخنقه ليجعله ميتًا، وإذا قال إنه ميت، سيطلقه ليطير. شعر الجميع أنهم أوقعوا العم حكيم في فخ لا مخرج منه.

الحكمة تظهر

نظر العم حكيم إلى العصفور، ثم رفع عينيه نحو فهد. لم يكن في نظرته أي تردد، بل كانت مليئة بالثقة. ابتسم وقال: “يا بني، الإجابة بين يديك. مصير هذا العصفور ليس بيدي، بل بيدك أنت. إن كنت ترغب في إطلاقه، فسيعيش، وإن قررت خنقه، فسيموت. الحكمة ليست في الإجابة، بل في قرارك.”

تفاجأ الشباب من إجابته. لم يتوقعوا أن يقلب العم حكيم الموقف عليهم بهذه البساطة. شعر فهد بالخجل، وأطلق العصفور ليطير بعيدًا. لكن العم حكيم لم ينتهِ هنا.

الدرس العميق

قال العم حكيم: “ما فعلته اليوم يا بني هو مثال لما نفعله جميعًا في حياتنا. نعتقد أن قرارات الآخرين هي التي تحدد مصيرنا، لكن في الحقيقة نحن من نملك القرار. العصفور كان بين يديك، تمامًا كما أن حياتك بين يديك. الحكمة ليست أن تعرف الإجابة فقط، بل أن تدرك مسؤوليتك عن اختياراتك.”

صمت الشباب، وشعر كل واحد منهم أن هذه الكلمات لمست أعماق قلبه. كانوا يظنون أن حياتهم مجرد سلسلة من الأحداث التي تتحكم بها الظروف، لكن العم حكيم جعلهم يدركون أن المسؤولية الحقيقية تقع على عاتقهم.

التغيير في الشباب

بعد هذا اللقاء، بدأ الشباب ينظرون إلى الحياة بشكل مختلف. قرروا أن يستفيدوا من وقتهم بشكل أفضل، وأن يتعلموا من حكمة الأكبر منهم سنًا بدلًا من السخرية منهم. أصبحوا يزورون العم حكيم بشكل منتظم، يتعلمون منه ويشاركونه أفكارهم وأحلامهم.

أما فهد، فقد أصبح من أكثر الشباب التزامًا في القرية. بدأ مشروعًا صغيرًا لتربية الطيور، وكان يقول دائمًا: “العصفور الذي علمني الحكمة هو الذي غير حياتي.”

النهاية

هكذا، أثبت العم حكيم أن الحكمة الحقيقية ليست في امتلاك الإجابات، بل في قدرتنا على رؤية الأمور من منظور أعمق واتخاذ القرارات المناسبة. وكانت حكاية العجوز درسًا خالدًا للشباب، ي

حملونه معهم في كل خطوة من حياتهم.