بين الحقيقة والوهم
في قرية صغيرة تحيط بها الجبال، عاش شاب يدعى “سليم”. كان معروفًا بين أهل قريته بذكائه الحاد وخياله الواسع. منذ صغره، كان مولعًا بالقصص الغامضة والحكايات التي تتحدث عن العوالم الخفية والأرواح الغامضة.
في إحدى الليالي، بينما كان سليم يسير على أطراف القرية، سمع صوتًا غريبًا يهمس باسمه. توقف للحظة، ثم تابع طريقه ظانًا أنه مجرد خياله الواسع. لكن الصوت عاد مجددًا، وكان هذه المرة أوضح.
ارتعدت أوصاله، لكنه قرر أن يواجه مخاوفه، فسار نحو مصدر الصوت. قاده الطريق إلى منزل قديم مهجور، لطالما تداول أهل القرية قصصًا مخيفة عنه. كان يقال إن المنزل مسكون بروح امرأة توفيت منذ سنوات طويلة في ظروف غامضة.
وقف سليم أمام الباب المتآكل، ثم دفعه ببطء، فصدر عنه صوت صرير مخيف. دخل إلى المنزل بحذر، ليجد نفسه في غرفة مظلمة مليئة بالغبار. فجأة، شعر بنسمة باردة تمر بجانبه، ثم سمع صوت خطوات تقترب.
تسارعت دقات قلبه، لكنه تمالك نفسه ونادى: “من هناك؟”. لم يجب أحد، لكن الضوء الخافت القادم من النافذة أظهر له خيال امرأة تقف في الزاوية.
كانت ترتدي ثوبًا أبيض، وشعرها الطويل يغطي وجهها. تجمد سليم في مكانه، لكنه استجمع شجاعته وسألها: “من أنت؟ وماذا تريدين؟”
رفعت المرأة رأسها ببطء، كاشفة عن وجه شاحب وعينين حزينتين، وقالت بصوت خافت: “أنا ليلى، وروحي لم تجد السلام بعد. لقد خُدعت وظُلمت، وأريد من يساعدني على كشف الحقيقة.”
كانت كلماتها تحمل ألمًا عميقًا، مما دفع سليم إلى الاستماع إلى قصتها. أخبرته أنها قُتلت ظلمًا، واتُهمت بجريمة لم ترتكبها، وأن القاتل الحقيقي لا يزال حرًا طليقًا.
تملك الفضول قلب سليم، وقرر مساعدتها على كشف الحقيقة. بدأ بالبحث في السجلات القديمة للقرية وسأل كبار السن عن القصة. تدريجيًا، بدأ يتوصل إلى أدلة تُشير إلى أن القاتل كان أحد أثرياء القرية، والذي أخفى جريمته باستخدام نفوذه.
بعد جهد طويل، تمكن سليم من العثور على وثائق قديمة وشهادات تثبت براءة ليلى. قام بتقديمها للسلطات المحلية، مما أدى إلى إعادة فتح القضية، ومع مرور الأيام، أُدين القاتل الحقيقي ونالت روح ليلى السلام أخيرًا.
في الليلة التالية، بينما كان سليم مستلقيًا في سريره، شعر بنسمة هواء دافئة تمر بجانبه، ثم سمع صوتًا هامسًا: “شكرًا لك، سليم”. ابتسم وأدرك أنه قد حرر روحًا عالقة بين الحقيقة والوهم.
هل تؤمن بوجود الأرواح العالقة بين العالمين، أم تعتقد أنها مجرد أوهام من صنع الخيال؟