المدينة التي لا تنام

المدينة التي لا تنام: قصة من أساطير الليل

في أعماق الصحراء، حيث الرمال تمتد إلى الأفق مثل بحرٍ لا نهاية له، كانت هناك مدينة غامضة تُعرف باسم “المدينة التي لا تنام”. اسمها وحده كان كفيلًا بإثارة الفضول والرعب في قلوب من يسمعون عنها. لم تكن هذه المدينة مثل أي مكان آخر، فهي مضاءة على مدار الساعة، ولا يغيب عنها النشاط أبدًا.

أسطورة البداية

تروي الأساطير أن هذه المدينة وُجدت قبل آلاف السنين، حين اجتمع مجموعة من العلماء والحكماء في مكانٍ ناءٍ بحثًا عن مكان بعيد عن الصراعات والحروب. أرادوا بناء مدينة مثالية، حيث يستطيع الجميع العمل والإبداع بلا قيود أو نوم. في تلك الفترة، كانوا يؤمنون بأن النوم يُهدر الوقت ويعطل عجلة التطور.

لذلك، طور العلماء مشروبًا سحريًا يسمى “شراب اليقظة”، يُقال إنه يمنح من يتناوله طاقة لا نهائية ويغنيه عن النوم. أصبح هذا المشروب جزءًا من حياة سكان المدينة، وبدأوا في بناء عالمهم الذي لا يعرف الراحة أو السكون.

المدينة في العصر الحديث

مع مرور الزمن، نُسجت الكثير من الأساطير حول المدينة. البعض يعتقد أنها مكانٌ للتجارة والثراء، حيث يُحقق التجار مكاسب ضخمة بفضل العمل المستمر. والبعض الآخر يراها لعنة، حيث يتحدثون عن سكانها الذين لا يستطيعون النوم أبدًا، حتى لو أرادوا ذلك.

في عام 2024، قرر “يوسف”، صحفي شاب مغامر، زيارة المدينة بنفسه. كان يوسف يبحث دائمًا عن القصص الغريبة ليكتب عنها، وما إن سمع عن “المدينة التي لا تنام”، حتى قرر أن يكشف حقيقتها. استعد للرحلة وبدأ رحلته عبر الصحراء.

دخول المدينة

بعد رحلة طويلة شاقة، وصل يوسف إلى حدود المدينة. كانت البوابة الرئيسية ضخمة ومزينة برموز غريبة، وعند دخوله شعر وكأنه انتقل إلى عالمٍ آخر. الشوارع مليئة بالناس، المتاجر مفتوحة، والموسيقى تعزف في كل مكان. بدا وكأن الليل والنهار قد اختفيا، وحلت بدلاً منهما حالة مستمرة من النشاط.

التقى يوسف بسيدة تُدعى “ليلى”، تعمل كمرشدة سياحية في المدينة. سألها عن سر هذه المدينة، فأخبرته عن “شراب اليقظة” الذي يتناوله الجميع. قالت ليلى: “هنا لا نحتاج للنوم، فالحياة قصيرة، ونحن نستغل كل لحظة”.

اكتشاف السر

على الرغم من حماسة ليلى، شعر يوسف بشيء غريب. لاحظ أن سكان المدينة يتحركون بسرعة وكأنهم تحت تأثير قوة غامضة. قرر أن يبحث عن مصدر “شراب اليقظة”، فاستغل الليل وذهب إلى مصنع الشراب السري.

في المصنع، اكتشف يوسف حقيقة مروعة: الشراب يحتوي على مواد كيميائية تؤثر على العقل والجسد، وتجعل من يتناوله يفقد قدرته على النوم. الأكثر رعبًا، أن الشراب يُسبب الإدمان، وإذا حاول أحد التوقف عن تناوله، فإنه يعاني من هلاوس عقلية خطيرة.

الهروب من المدينة

أدرك يوسف أنه يجب أن يهرب من المدينة ليكشف الحقيقة. ولكن لم يكن الأمر سهلاً، فكل سكان المدينة كانوا تحت تأثير الشراب، وأي محاولة للهروب تُعتبر خيانة. استعان يوسف بليلى، التي بدأت تشعر بالندم على دورها في جذب السياح إلى هذا المكان.

نجح يوسف في الهروب بعد مطاردة طويلة عبر شوارع المدينة. عندما عاد إلى وطنه، كتب تقريرًا كاملاً عن المدينة، كاشفًا أسرارها وأضرار “شراب اليقظة”. أثار مقاله ضجةً كبيرة، وأصبح حديث العالم. البعض رفض تصديق القصة، بينما قرر آخرون محاولة البحث عن المدينة بأنفسهم.

النهاية المفتوحة

اليوم، ما زالت أسطورة “المدينة التي لا تنام” تُثير الفضول. البعض يقول إن المدينة اختفت بعد كشف حقيقتها، بينما يعتقد آخرون أنها انتقلت إلى مكان آخر في الصحراء. يوسف نفسه لم يعد يتحدث عنها، وكأن التجربة تركت أثرًا عميقًا في نفسه.

لكن السؤال الذي يظل بلا إجابة: هل يمكن حقًا أن يعيش الإنسان دون نوم؟ أم أن النوم هو الثمن الذي ندفعه لنحافظ على إنسانيتنا؟

بهذه التساؤلات، تنتهي قصة “المدينة التي لا تنام”، تا

ركةً القارئ في حالة من التفكير والدهشة.