العائدون من المستقبل
في ليلة باردة من ليالي الشتاء، وبينما كان العالم يغرق في سبات عميق، انطلقت صفارات الإنذار في جميع أنحاء المدينة. نظر السكان من نوافذهم بذهول، فلم يكن هناك أي عاصفة أو خطر واضح. في وسط الساحة الكبرى، ظهر فجأة وميض أزرق مبهر، تبعه صوت عالٍ يشبه تمزق الهواء نفسه.
في غضون لحظات، بدأ الناس يتجمعون حول مصدر الصوت، وبينما كانت الشرطة تحاول السيطرة على الوضع، ظهر من وسط الوميض مجموعة من الأشخاص، يرتدون ملابس فضية تعكس الأضواء، وعيونهم تلمع كما لو كانوا يحملون أسرار الكون بين جفونهم.
“نحن لسنا أعداءكم”، قال أحدهم بصوت هادئ لكن مسموع وسط الضجيج. كانت كلماته واضحة، لكنها حملت لغزًا أكبر مما يستطيع أحد فهمه.
البداية الغامضة
دُعي العلماء والباحثون لفحص هؤلاء القادمين، وسرعان ما تم التأكد من أنهم بشر، لكن نبضاتهم وأسلوب حديثهم وحتى معلوماتهم كانت تثير الريبة. قال أحدهم ويدعى “ريان”: “نحن من المستقبل، من عام ٢١٥٠”.
ساد الصمت للحظات، ثم انفجر المكان بصيحات الاندهاش والإنكار. كيف يمكن ذلك؟ السفر عبر الزمن كان مجرد خيال علمي! لكن الأدلة كانت أمامهم: أجهزتهم المتطورة، قدرتهم على التنبؤ ببعض الأحداث القريبة، وحتى لغتهم التي كانت مزيجًا من اللهجات المختلفة وكأنها تطورت عبر الأجيال.
سر العودة
بعد تحقيقات طويلة، كشف ريان ورفاقه أنهم لم يأتوا بإرادتهم، بل أُجبروا على العودة بسبب خطأ في تجربة علمية ضخمة تهدف إلى استكشاف إمكانية التنقل عبر الزمن. لكن المشكلة الأكبر أنهم لا يستطيعون العودة إلى زمانهم.
سأله أحد العلماء: “إذا كنتم من المستقبل، فماذا يمكنكم أن تخبرونا عنه؟ هل تغير العالم؟ هل أصبح البشر أكثر تطورًا؟”
أطرق ريان برأسه للحظات ثم قال بحزن: “العالم الذي تعرفونه اليوم لم يعد موجودًا بالطريقة التي تتخيلونها”.
المستقبل المجهول
أوضح ريان ورفاقه أن البشرية تعرضت لسلسلة من الأحداث الكارثية، منها حروب تكنولوجية أدت إلى انهيار الحضارات الكبرى، وانتشار أمراض لم يكن لها علاج، وتغيرات مناخية أدت إلى غرق مدن بأكملها. ولكن الأمل لم يختفِ تمامًا، فقد ظهرت مجتمعات صغيرة استطاعت النجاة، وطورت تقنيات متقدمة لإنقاذ ما تبقى من البشرية.
لكن المعلومة الأخطر التي كشفوا عنها كانت أن هناك “قوة مجهولة” تتحكم في مصير العالم، قوة لا أحد يعرف مصدرها، لكنها كانت تراقب كل شيء وتوجه الأحداث بطرق لا يمكن تفسيرها.
التحدي الأكبر
بينما كان العلماء والمسؤولون يناقشون كيفية التعامل مع هذه المعلومات، بدأت أحداث غريبة تقع. انقطعت الكهرباء عن أجزاء واسعة من المدينة، وظهرت تقارير عن اختفاء أشخاص دون أي أثر، وحتى الأجهزة الإلكترونية بدأت تعمل بشكل غير طبيعي.
قال ريان بحزم: “لقد تم اكتشاف وجودنا هنا… نحن لسنا الوحيدين الذين سافروا عبر الزمن”.
في تلك اللحظة، انفتح باب القاعة بعنف، ودخل رجل آخر، كان يبدو عليه الإرهاق لكنه حمل معه رسالة خطيرة: “هناك آخرون… وهم ليسوا ودودين”.
المواجهة الحاسمة
لم يكن هناك وقت للتفكير، فقد بدأت المدينة تشهد اضطرابات لم يسبق لها مثيل. أدرك الجميع أن من يحاول إيقافهم لم يكن مجرد تهديد عادي، بل كان كيانًا قوياً قادماً من مستقبل أكثر ظلامًا مما يمكن تخيله.
تعاون البشر مع العائدين من المستقبل، وتم إنشاء فريق مشترك لاكتشاف هوية هذا العدو الخفي. مع مرور الوقت، تم العثور على إشارات غامضة في موجات الراديو، وكأنها رسائل مشفرة من المستقبل ذاته.
في النهاية، وجدوا أنفسهم أمام مفترق طرق: إما أن يكشفوا السر بالكامل ويتحدوا هذا العدو الغامض، أو يظلوا أسرى المجهول إلى الأبد.
ولكن السؤال الحقيقي هو: هل المستقبل حقًا قد كُتب بالفعل، أم أن هناك فرصة لتغييره؟
ما رأيك؟ هل تعتقد أن المستقبل يمكن تغييره، أم أن مصير البشرية محسوم؟ 🤔