روايات خيالية

الظل الذي يطاردنا

الظل الذي يطاردنا

في إحدى القرى البعيدة المحاطة بالغابات الكثيفة، عاش شاب يُدعى سامر. كان سامر يتمتع بروح مرحة وعزيمة قوية، لكنه كان يملك سرًا لم يجرؤ على البوح به لأحد. كان يشعر دائمًا بوجود ظل يطارده، ظل غامض يرافقه في كل مكان.

في البداية، كان سامر يعتقد أن الأمر مجرد خيال. كلما مشى بين الأشجار أو جلس على ضفاف النهر، كان يشعر بوجود شيء ما يراقبه. كان يلتفت بسرعة، لكنه لا يجد شيئًا. استمر هذا الشعور لأسابيع، حتى بدأ سامر يفقد صبره.

ذات ليلة، بينما كان القمر يسطع بوضوح في السماء، قرر سامر مواجهة خوفه. أخذ مصباحه واتجه نحو الغابة، حيث كان يعتقد أن الظل يظهر بوضوح. كان الطريق مليئًا بأصوات الليل الغامضة، لكن سامر لم يتراجع. وصل إلى شجرة كبيرة، كانت تُعرف بين سكان القرية بأنها “شجرة الأسرار”.

وقف سامر هناك وصرخ بصوت عالٍ: “من أنت؟ ولماذا تلاحقني؟”. فجأة، شعر بنسيم بارد يلفحه، وظهر أمامه رجل مسن يرتدي عباءة سوداء. كانت عيناه تلمعان في الظلام، وصوته عميقًا عندما قال: “أنا لست عدوك، بل مرشدك.”

تفاجأ سامر وسأله: “مرشدي؟ ماذا تقصد؟”. رد الرجل قائلاً: “الظل الذي تراه هو انعكاس لمخاوفك وشكوكك. أنت من صنعت هذا الظل بيديك، والآن حان الوقت لمواجهته والتغلب عليه.”

شعر سامر بالحيرة والخوف في آن واحد. لكن الرجل المسن بدأ في شرح القصة: “كل إنسان يحمل في داخله مخاوف ورغبات دفينة. عندما تتجاهلها ولا تواجهها، تتحول إلى ظل يطاردك. لكن إذا كنت شجاعًا بما يكفي لمواجهتها، ستكتشف حقيقتك وقوتك.”

قرر سامر أن يثق في كلام الرجل. بدأ رحلة داخلية لاستكشاف مخاوفه وأحلامه. كان يعود كل ليلة إلى “شجرة الأسرار” للتحدث مع الرجل المسن. مع مرور الوقت، بدأ سامر يشعر بتحسن. لم يعد يشعر بوجود الظل، بل أصبح أكثر ثقة بنفسه.

بعد أسابيع من العمل الجاد على نفسه، استيقظ سامر ذات صباح وشعر بأن شيئًا ما قد تغير. اختفى الشعور بالقلق والخوف، وحل محله إحساس بالسلام الداخلي. عاد إلى الشجرة ليجد رسالة صغيرة مكتوبة على قطعة من الورق: “لقد أنهيت رحلتك. الظل لم يكن عدوك أبدًا، بل كان معلمك.”

عاد سامر إلى قريته بشخصية جديدة وإصرار على مساعدة الآخرين الذين يعانون من مخاوفهم الخاصة. أصبح رمزًا للشجاعة والقوة في القرية، واستمرت قصته تُروى للأجيال.

والآن، عزيزي القارئ، هل سبق وأن شعرت بظل يطاردك؟ وهل تملك الشجاعة لمواجهة مخاوفك؟

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى