الطريق الذي لا عودة منه

الطريق الذي لا عودة منه

عالم القصص

في إحدى الليالي الباردة، جلس “سامر” بجانب مدفأته الخافتة في منزل قديم يقع على أطراف القرية. كان سامر مشهورًا بفضوله الدائم ورغبته في اكتشاف أسرار الطبيعة. لكنه هذه المرة كان يستمع إلى حكايات أهل القرية عن طريق غامض يُعرف بـ”الطريق الذي لا عودة منه”.

“إنه طريق محفوف بالمخاطر والغموض،” قال أحد الكبار في السن وهو يسرد تفاصيل القصة. “يُقال إن كل من يسلكه لا يعود أبدًا. هناك أصوات غريبة تُسمع ليلاً، وأحيانًا تظهر أضواء تلمع في الظلام.”

سامر، الذي لم يعرف الخوف يومًا، قرر أن يكشف الحقيقة وراء هذا الطريق. فجر اليوم التالي، جمع معداته: مصباحًا يدويًا، حقيبة صغيرة تحتوي على بعض الطعام والماء، وخريطة قديمة تظهر مسارات القرية.

البداية

عالم القصص

انطلق سامر في رحلته عند بزوغ الفجر. كان الطريق في البداية يبدو عاديًا، محاطًا بأشجار الصنوبر العالية التي تهمس بصوت الرياح. لكن كلما تقدم أكثر، لاحظ تغيرات غريبة. الأرض أصبحت أكثر وعورة، والأصوات الطبيعية بدأت تختفي تدريجيًا. بدلاً من ذلك، سمع همسات خافتة أشبه بتنهيدات بعيدة.

بعد ساعات من السير، وجد سامر نفسه أمام بوابة حجرية ضخمة مغطاة بنقوش غريبة. كانت النقوش تظهر مشاهد لأشخاص يعبرون الطريق ثم يختفون في الظلال. مدفوعًا بحماسه، دخل سامر البوابة.

عالم مختلف

عالم القصص

ما إن تخطى سامر البوابة حتى شعر بتغير في الجو. الهواء أصبح أثقل، والألوان حوله بدت باهتة. كان المشهد أشبه بعالم آخر. الأشجار لم تعد خضراء بل كانت داكنة، وكأنها متحجرة. السماء مغطاة بسحب كثيفة تحجب الضوء.

بينما كان يسير، وجد سامر آثار أقدام صغيرة ومتعددة تسير في نفس الاتجاه. شعر بأنه ليس وحيدًا، ولكن الفضول دفعه للمضي قدمًا. فجأة، ظهر أمامه كائن غريب. كان شكله أشبه بظل متحرك، بلا ملامح واضحة. تحدث الكائن بصوت عميق: “لماذا أتيت إلى هنا؟ هذا ليس مكان البشر.”

تردد سامر للحظة قبل أن يجيب: “أريد أن أعرف الحقيقة عن هذا المكان. لماذا لا يعود أحد من هنا؟”

ابتسم الكائن، أو هكذا بدا لسامر، وقال: “إذا أردت الحقيقة، عليك أن تصل إلى نهاية الطريق. لكن تذكر، كل خطوة تخطوها ستأخذ شيئًا منك.”

التضحيات

عالم القصص

واصل سامر رحلته، مدركًا أن كل خطوة تحمل عواقب. في البداية، شعر بالتعب الشديد، كأن طاقته تُسحب منه. لاحقًا، بدأت ذكرياته تتلاشى ببطء. نسي أسماء أصدقائه، وأحداث طفولته بدأت تبدو كأنها حلم بعيد.

رغم ذلك، لم يستسلم. كانت لديه رغبة قوية في الوصول إلى الحقيقة. عند نقطة معينة، وجد نفسه أمام بحيرة سوداء تعكس كل شيء عدا صورته. وقف سامر أمام البحيرة، وسأل: “ماذا علي أن أفعل الآن؟”

ظهر صوت آخر، أشبه بصوت الرياح، وقال: “إذا أردت المرور، عليك أن تقدم أغلى ما تملك.”

تردد سامر. لم يكن يعرف ما هو الشيء الأغلى بالنسبة له. فجأة، تذكر والديه، منزله، وحياته البسيطة. أدرك أنه قد يخسر كل ذلك إذا استمر.

النهاية

عالم القصص

بعد تفكير عميق، قرر سامر أن يعود أدراجه. لكنه أدرك أنه لا يستطيع العودة. الطريق الذي جاء منه كان قد اختفى، ولم يتبق سوى الظلام حوله. عندها فهم معنى “الطريق الذي لا عودة منه”. لقد أصبح جزءًا من هذا العالم الغريب.

بينما كان يجلس بجانب البحيرة السوداء، بدأت ذكرياته الأخيرة بالتلاشي. لم يعد يتذكر حتى اسمه. في اللحظة الأخيرة قبل أن يُمحى تمامًا، سمع صوتًا داخليًا يقول: “لقد اخترت الحقيقة، والآن أصبحت جزءًا منها.”

سؤال للقارئ

ماذا كنت ستفعل لو كنت مكان سامر؟ هل كنت ستغامر لكشف الحقيقة أم كنت ستتراجع منذ البداية؟