الطريق إلى الحقل المهجور

في إحدى القرى الصغيرة، التي كانت محاطة بالجبال الخضراء والسهول الواسعة، عاش فتى يدعى خالد. كان خالد شابًا مغامرًا بطبيعته، يحب استكشاف الأماكن الغامضة وقصصها القديمة. في إحدى الأمسيات الهادئة، بينما كان يجلس بجانب جدته، أخبرته عن الحقل المهجور الذي يقع في أطراف القرية.

“يقولون إنه كان مكانًا مليئًا بالحياة قبل سنوات طويلة،” قالت الجدة بصوتها العميق المليء بالحنين. “ولكن حدث شيء غريب جعله يُهجر فجأة. لا أحد يعرف السبب الحقيقي، وكل من حاول العودة إليه لم يعُد.”

كانت كلمات الجدة كافية لتثير فضول خالد. كان يدرك أن الجميع في القرية يتجنب الحديث عن الحقل، وكأنه يحمل سرًا مخيفًا. ولكنه قرر أن يكتشف الحقيقة بنفسه.

في صباح اليوم التالي، استيقظ خالد باكرًا وارتدى ملابسه البسيطة. أخذ حقيبة صغيرة وضع فيها بعض الطعام، زجاجة ماء، ومصباحًا يدويًا. انطلق من منزله بخطوات واثقة، وبدأ رحلته نحو الحقل المهجور. الطريق لم يكن واضحًا تمامًا؛ فقد كانت الأشجار الكثيفة تغطي أغلب المسار، ولكن خالد كان يعتمد على وصف جدته وبعض الإشارات التي سمعها من كبار السن.

بينما كان يسير في الطريق، شعر بأن الطبيعة من حوله بدأت تتغير تدريجيًا. الهواء أصبح أثقل، والطيور التي كانت تغني بصوت عذب في البداية، أصبحت صامتة. حتى الأشجار بدت وكأنها تراقبه بصمت مخيف. ولكنه لم يتراجع، فقد كان شغفه بمعرفة الحقيقة أقوى من خوفه.

بعد ساعات من المشي، وصل خالد إلى بوابة صدئة نصف مفتوحة، محاطة بأسلاك شائكة متآكلة. خلف البوابة، بدا الحقل وكأنه عالم مختلف. الأعشاب نمت بشكل عشوائي، وكأنها تحاول أن تخفي شيئًا تحتها. كان هناك بئر قديم في منتصف الحقل، ومبنى صغير منهار على الأطراف.

تقدم خالد بحذر، وقلبه ينبض بسرعة. قرر أن يبدأ بالبئر، فقد كانت تبدو وكأنها محور هذا المكان الغامض. عندما اقترب منها، شعر بهواء بارد يخرج من داخلها، وكأنها تتنفس. أمسك بحبل قديم كان معلقًا على جانب البئر، ونظر إلى الأسفل. لم يستطع رؤية القاع بسبب الظلام الدامس.

“لابد أن هناك شيئًا في الأسفل،” قال لنفسه.

قرر خالد أن يستخدم المصباح اليدوي لإضاءة البئر. وعندما فعل ذلك، رأى شيئًا يلمع في القاع. كان يبدو كصندوق صغير. تساءل خالد عن كيفية الوصول إليه، ولكنه قرر أن يستكشف المبنى الصغير أولاً قبل أن يقرر.

عندما دخل المبنى، وجد أن الجدران كانت مغطاة برسومات غريبة. كانت هناك رموز وأشكال لم يفهم معناها، ولكنها بدت وكأنها تحكي قصة قديمة. في زاوية المبنى، وجد كتابًا قديمًا مغبرًا. عندما فتحه، اكتشف أنه مكتوب بلغة غريبة، ولكنه استطاع أن يفهم بعض الرسومات التي كانت توضح خريطة ما.

أدرك خالد أن الكتاب ربما يحمل مفتاح حل لغز هذا المكان. أخذ الكتاب معه وخرج من المبنى. عاد إلى البئر وقرر أن ينزل إلى الأسفل. استخدم الحبل القديم بحذر، وعندما وصل إلى القاع، أمسك بالصندوق. كان ثقيلاً ومغطى بالصدأ، ولكنه استطاع فتحه بعد جهد.

داخل الصندوق، وجد خالد مجموعة من الأحجار الكريمة ورسالة مكتوبة بلغة قديمة مشابهة لتلك الموجودة في الكتاب. عندما صعد إلى السطح وقرأ الرسالة باستخدام الرسومات الموجودة في الكتاب، فهم أن الحقل كان مكانًا مقدسًا لأحد القبائل القديمة. ولكن حدثت خيانة داخل القبيلة، وألقيت لعنة على الحقل ليظل مهجورًا.

أخذ خالد الصندوق وعاد إلى قريته. عندما أخبر جدته بما وجده، نظرت إليه بدهشة ممزوجة بالخوف. “لابد أنك حررت الحقل من اللعنة،” قالت. “ولكنك أيضًا أعدت قوة قديمة إلى الوجود.”

منذ ذلك اليوم، تغيرت حياة خالد. أصبح الحقل مكانًا يزوره الناس مجددًا، ولكن خالد كان يشعر دائمًا بأن هناك شيئًا يراقبه، وكأن مغامرته لم تنته بعد.