قصص قصيره

الصوت القادم من الأعماق

الصوت القادم من الأعماق

الصوت القادم من الأعماق

 

في ليلة شتوية باردة، كانت القرية الصغيرة تغرق في صمت لا يقطعه سوى صوت الرياح التي تعصف بين الأشجار. كانت “نور”، الفتاة العشرينية التي تعشق القراءة والهدوء، تجلس بجوار نافذتها المكسوة بالبخار، تتأمل الظلام الذي يغمر الخارج. كانت دائمًا تشعر بشيء غريب في هذا المكان، كأن هناك أسرارًا عميقة تحت الأرض تنتظر من يكتشفها.

 

في تلك الليلة، وبينما كانت تقرأ كتابًا عن الأساطير القديمة، سمعت صوتًا غريبًا. كان الصوت عميقًا ومبحوحًا، كأنه قادم من أعماق الأرض. شعرت نور بقشعريرة تسري في جسدها، فوضعت الكتاب جانبًا واقتربت من النافذة محاولةً تمييز مصدر الصوت. لكنه كان يبدو بعيدًا وغامضًا، كأن الأرض نفسها تنطق.

 

لم تستطع النوم تلك الليلة، وقررت في صباح اليوم التالي أن تخبر صديقتها “ملك”، وهي باحثة في علم الجيولوجيا، بما حدث. استمعت ملك باهتمام وقررت أن ترافق نور إلى المكان لتفحص الأمر. حملتا معهما معدات بسيطة واتجهتا إلى التلة القريبة من القرية، حيث بدا أن الصوت يأتي من هناك.

 

عندما وصلتا إلى التلة، لاحظتا وجود شق صغير في الأرض، وكأنه مدخل إلى مغارة مخفية. كان الهواء الداخل والخارج من الشق يصدر همسات غريبة تذكر نور بما سمعته في الليلة السابقة. دون تردد، قررت الفتاتان استكشاف الداخل. كان المكان مظلمًا ورطبًا، لكنه بدا وكأنه يحمل قصة قديمة منسية.

 

مع كل خطوة داخل المغارة، كانت الأصوات تصبح أكثر وضوحًا. لم تكن كلمات مفهومة، بل أشبه بأنين أو صرخات مكتومة. لاحظت ملك أن الجدران مغطاة بنقوش غريبة تشبه الرموز القديمة. أخذت تصورها بكاميرتها لتحليلها لاحقًا.

 

وفجأة، انزلقت نور وسقطت في حفرة عميقة. صرخت ملك وحاولت الوصول إليها. عندما اقتربت، وجدت أن الحفرة تقود إلى غرفة ضخمة تحت الأرض، مملوءة بالآثار القديمة والرموز التي بدت وكأنها تحكي قصة مفقودة. كانت نور تقف مذهولة، وفي وسط الغرفة تمثال غريب لكائن نصفه إنسان ونصفه مخلوق بحري.

 

بدأ الصوت يتكرر مجددًا، لكن هذه المرة كان أقرب وأقوى. شعرت نور وكأن الصوت يخاطبها، يحثها على قراءة النقوش على الجدران. كانت النقوش تروي حكاية عن شعب قديم عاش تحت الأرض، يمتلك قدرات خارقة. لكنهم دمروا أنفسهم بسبب صراع على السلطة، ودفنوا حضارتهم في الأعماق.

 

بينما كانت الفتاتان تحاولان فك الشيفرة، لاحظت ملك أن أحد الرموز يشبه مفتاحًا. عندما ضغطت عليه، اهتزت الغرفة بشدة وظهر ممر سري يقود إلى بحر تحت الأرض. كان المشهد سحريًا؛ مياه صافية تتوهج بلون أزرق غريب، وكائنات بحرية غريبة تسبح بهدوء.

 

لكن فجأة، ظهر ظل ضخم تحت الماء، كأنه كائن عملاق يستعد للظهور. انطلقت الأصوات من جديد، هذه المرة واضحة: “من يدخل إلى أعماقنا، عليه أن يتحمل عواقب كشف أسرارنا.” أدركت نور وملك أن عليهما المغادرة قبل فوات الأوان.

 

عندما خرجتا من المغارة، كانت الشمس تشرق وكأن الليل لم يكن أبدًا. شعرتا بأن ما حدث أشبه بحلم، لكن الصور التي التقطتها ملك كانت الدليل الوحيد على حقيقة ما رأيتاه. قررتا العودة إلى القرية، لكنهما أقسمتا على أن تبقى هذه القصة سرًا، حتى يحين الوقت المناسب للكشف عنها.

 

السؤال للقارئ:

هل كنت ستغامر وتستكشف أعماق الأرض لو سمعت صوتًا غامضًا كما

فعلت نور وملك؟ ولماذا؟

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى