الساعة المتوقفة: رحلة بين الماضي والمستقبل
في قرية صغيرة محاطة بالجبال والغابات الكثيفة، عاش رجل يدعى “يوسف”. كان يوسف صانع ساعات بارعًا، يُعرف بدقته وإتقانه في صناعة الساعات الميكانيكية. ورث يوسف هذه المهنة عن أجداده، وكانت ورشته القديمة تمتلئ بالعتاد المعدني والآلات الدقيقة التي صنعت أروع الساعات في القرية.
بداية القصة
في أحد الأيام، بينما كان يوسف يعمل في ورشته، دخلت عليه فتاة صغيرة تُدعى “ليلى”. كانت ليلى تحمل بين يديها ساعة قديمة مكسورة، متوقفة عند الثانية الثانية عشرة. نظرت إليه بعينين مليئتين بالرجاء وقالت:
“سيدي، هذه الساعة كانت ملك جدتي، وهي أثمن شيء أملكه. هل يمكنك إصلاحها؟”
أخذ يوسف الساعة بين يديه، وبدأ يفحصها بدقة. كانت الساعة مختلفة عن أي ساعة أخرى رآها من قبل، مغطاة بنقوش دقيقة تصور مشاهد من الغابات والنجوم. وبينما كان يفكك أجزاءها، لاحظ أن قلب الساعة يحتوي على آلية غريبة لم يرَ مثلها من قبل.
اكتشاف الساعة الغامضة
بعد ساعات من الفحص والعمل، اكتشف يوسف أن الساعة ليست مجرد أداة لقياس الوقت، بل هي شيء أكثر غرابة. كلما حاول تشغيلها، شعر وكأن الوقت يتوقف حوله للحظات قصيرة. ظن في البداية أن ذلك مجرد وهم، لكنه لاحقًا بدأ يلاحظ أشياء غير عادية: الطيور تجمدت في الهواء، وأوراق الشجر توقفت عن التحرك.
قرر يوسف الاحتفاظ بالساعة لبعض الوقت ليدرسها بعناية. لكنه لم يخبر ليلى بالحقيقة، خوفًا من أن تعتقد أنه يخدعها.
المغامرة تبدأ
في تلك الليلة، بينما كان يوسف جالسًا في ورشته يدرس الساعة، ضغط على زر صغير لم ينتبه إليه من قبل. فجأة، غمرت الغرفة أضواء ساطعة، وشعر وكأنه يسحب إلى بعد آخر. عندما فتح عينيه، وجد نفسه في مكان غريب: كان يقف في قرية تشبه قريته، لكن كل شيء كان مختلفًا. المباني كانت قديمة جدًا، والناس يرتدون ملابس عتيقة تعود إلى قرون مضت.
بدأ يوسف يتحدث إلى السكان، فاكتشف أنه قد عاد إلى الماضي، إلى زمن كان فيه أجداده الأوائل يعيشون. أدرك أن الساعة لديها القدرة على نقله عبر الزمن.
عودة إلى المستقبل
بعد أن أمضى أيامًا في الماضي، قرر يوسف العودة إلى زمنه. ضغط على الزر نفسه، فعادت الأضواء مرة أخرى، ووجد نفسه في ورشته. لكن المفاجأة الكبرى كانت عندما دخلت ليلى، وقد بدا عليها القلق. قالت: “لقد مضت أسابيع ولم أسمع منك، هل أصلحت الساعة؟”
كان يوسف مذهولًا، إذ شعر وكأنه أمضى بضعة أيام فقط في الماضي، لكن الزمن في حاضره قد مر أسرع. قرر أن يخبر ليلى بما حدث، لكن بطريقة لا تجعلها تشعر بالخوف.
قرار مصيري
بعد حديث طويل مع ليلى، قرر يوسف أن يختبر الساعة مرة أخرى، لكن هذه المرة برفقة ليلى. انطلق الاثنان في مغامرات عبر الزمن، وزاروا أماكن مختلفة: المستقبل حيث رأوا تقنيات مذهلة، والماضي حيث شهدوا أحداثًا تاريخية مهمة.
لكن كلما استخدموا الساعة، شعر يوسف بأنها تستهلك شيئًا ما من داخله. بدأ يشعر بالإرهاق مع كل قفزة زمنية، وكأن حياته تتسرب ببطء.
النهاية الغامضة
في النهاية، قرر يوسف أن الوقت قد حان لإيقاف استخدام الساعة. جمع ليلى وقال لها: “هذه الساعة أعطتنا فرصة لرؤية العالم بطرق لم نكن نحلم بها، لكنها تحمل ثمنًا باهظًا. علينا أن نعيدها إلى حالتها الأولى.”
أعاد يوسف إصلاح الساعة، وأغلق الزر السحري بآلية جديدة، ثم أعادها إلى ليلى. قال لها: “الساعة الآن مجرد ذكرى جميلة. احتفظي بها واعتني بها جيدًا.”
غادرت ليلى الورشة، وشعرت بالامتنان لما قدمه يوسف. أما يوسف، فعاد إلى حياته العادية، لكنه لم ينسَ أبدًا رحلاته عبر الزمن.
سؤال للقارئ:
إذا كنت تمتلك ساعة تستطيع من خلالها السفر عبر الزمن، هل كنت ستستخدم
ها لرؤية الماضي أم استكشاف المستقبل؟ ولماذا؟