الرياح الهائمة

الرياح الهائمة

كانت قرية “نسيم الصباح” تقع في وادٍ خصيب تحيط به الجبال من كل جانب. اشتهرت القرية بجوها العليل ونسماتها الهادئة التي كانت تضفي على المكان شعوراً بالسلام. لكن شيئاً غريباً بدأ يحدث في القرية، شيء لم تشهده الأجيال السابقة.

ذات ليلة، اجتمع سكان القرية عند ساحة البلدة بعد أن تناقلوا إشاعة عن “الرياح الهائمة”، تلك الرياح الغامضة التي كانت تمرّ سريعاً بين المروج، تترك وراءها أصواتاً تشبه الهمسات، وتأخذ معها أشياء صغيرة كالأوراق والأغصان. الغريب أنها لم تكن تهبّ كغيرها من الرياح، بل كانت تتحرك دون اتجاه واضح، وكأنها تبحث عن شيء ما.

البداية مع “سامر”

كان سامر شاباً شجاعاً وفضولياً. نشأ في “نسيم الصباح” وكان يحب استكشاف الجبال المحيطة. عندما سمع عن الرياح الهائمة، شعر بإحساس مختلف. قال في نفسه: “هذه الرياح ليست طبيعية. ربما تحمل رسالة أو سرّاً علينا أن نفهمه.”

في صباح اليوم التالي، قرر سامر تتبع الرياح. أخذ حقيبته المليئة بالمؤن، وبوصلة قديمة ورثها عن جده، وودّع عائلته قائلاً: “سأعود قريباً، وربما أحضر معي إجابات.”

لقاء مع الحكيم

في رحلته، صادف سامر رجلاً مسناً يُدعى “الحكيم يونس”، كان يعيش في كوخ صغير على سفح الجبل. كان يونس مشهوراً بحكمته ومعرفته بالظواهر الغريبة. عندما أخبره سامر عن الرياح الهائمة، قال الحكيم:

“هذه الرياح ليست عشوائية. لقد ظهرت في أوقات سابقة من التاريخ، وكانت دائماً تبحث عن شيء معين. لكن المشكلة أنها لا تجد ما تبحث عنه.”

سأل سامر بفضول: “وماذا تبحث عنه؟”

ابتسم يونس قائلاً: “قلب نقيّ وشجاعة حقيقية.”

التحديات في الطريق

تابع سامر طريقه وفقاً لتوجيهات الحكيم، لكن الأمور لم تكن سهلة. واجه رياحاً قوية، وحيوانات مفترسة، وطرقاً وعرة. رغم ذلك، كان يسمع همسات الرياح وكأنها تدله على الطريق الصحيح.

في إحدى الليالي، وهو جالس بجوار نار المخيم، شعر بشيء غريب. الرياح الهائمة أصبحت تدور حوله وكأنها تراقبه. وقف سامر وشعر بأن عليه أن يتحدث إليها. قال بصوت عالٍ:

“إن كنتِ تبحثين عن شيء، قولي لي. أنا هنا لأساعدك.”

لكن الرياح لم ترد. اكتفت بالدوران حوله، ثم غادرت مسرعة تاركة وراءها أثر طريق جديد في الرمال.

اكتشاف الكهف السري

تبع سامر الطريق الذي رسمته الرياح حتى وصل إلى كهف مظلم. كان مدخل الكهف محفوراً عليه رموز غريبة. دخل سامر بشجاعة، وفي داخله وجد كتاباً قديماً وصندوقاً صغيراً. عندما فتح الكتاب، وجد فيه كلمات مكتوبة بلغة لم يفهمها، لكن الصندوق كان يحمل شيئاً مميزاً: قلباً صغيراً مصنوعاً من الكريستال.

فجأة، هبّت الرياح الهائمة داخل الكهف، وبدأت تحمل الكتاب والقلب وتدور بهما في الهواء. همست له الرياح: “لقد وجدنا ما نبحث عنه. شكراً لشجاعتك.” ثم اختفت الرياح ومعها الكتاب والقلب، تاركة سامر وحيداً في الكهف.

العودة إلى القرية

عاد سامر إلى القرية محملاً بالقصص. حكى لسكان القرية عن الرياح الهائمة وكيف كانت تبحث عن “القلب النقي”. قال لهم: “أحياناً تكون الإجابات التي نبحث عنها أمامنا، لكننا بحاجة إلى الشجاعة للبحث عنها في أماكن غير متوقعة.”

النهاية مع سؤال للقارئ

بينما كان سامر يحكي قصته، التفت إلى الجمع قائلاً: “ولكن السؤال الحقيقي الآن: هل كنا نحن من تحتاج إليه الرياح أم أن الرياح ك

لاانت تبحث عن شيء داخلنا؟ ماذا تعتقد أنت؟”