قصص متنوعه

الحلم الذي استيقظ مرتين

الحلم الذي استيقظ مرتين

الحلم الذي استيقظ مرتين

في أحد الأيام، بينما كانت السماء تميل إلى اللون البرتقالي الهادئ مع غروب الشمس، كان يوسف يجلس في غرفته الصغيرة، يعيد ترتيب أفكاره. كان قد مر أسبوع كامل منذ آخر مرة شعر فيها أنه غارق في فوضى من الأحلام الغريبة. فكلما حاول أن يغمض عينيه ويغرق في النوم، كان يستيقظ فجأة ليجد نفسه في نفس المكان، في نفس اللحظة، وكأن الزمن قد عاود التكرار.

بدأ يوسف يتساءل: هل هو حلم؟ أم أنه واقع يمر به بطريقة معقدة؟ كان هذا اللغز يطارده، لكن لا أحد يمكنه مساعدته في تفسيره. كلما شعر بأن الحل أصبح قريبًا، استيقظ مجددًا ليجد نفسه في نفس اللحظة، وكأن الحلم قد عاد ليكرر نفسه. كانت تلك التجربة التي يخشى يوسف الخوض فيها، لكنها كانت أيضًا التحدي الذي لا يستطيع الهروب منه.

أثناء جلوسه على سريره، بدأ يوسف يتذكر الحلم الأول. كان قد استفاق فجأة من نومه في صباح يوم مشرق، لكن شيء غريب حدث. شعر وكأن شيئًا ما قد تغير. نظرت عيناه إلى الساعة على الجدار، فتفاجأ أنها تشير إلى نفس الوقت الذي رآه في حلمه. ظن أن ذلك مجرد صدفة، ولكن عند تفحصه للأحداث، اكتشف أنها ليست مجرد صدفة، بل هي جزء من لغز غير قابل للفهم.

مرت الأيام، ولكن الحلم استمر في العودة. عندما يغمض يوسف عينيه مجددًا، يجد نفسه في نفس المكان، في نفس اللحظة، وكأن الزمان قد عاود التكرار، ولكن هذه المرة بألوان زاهية وضوء غير مألوف. كان المكان مغطى بتلال من الرمال الذهبية والهواء العليل، بينما كان في الأفق يظهر قمر هائل الحجم، يضيء كل شيء حوله بنور غريب. بدأ يوسف يشعر وكأن شيئًا عظيمًا على وشك أن يحدث، ولكنه لا يعرف كيف يمكنه التعامل مع هذا الشعور الغامض.

في هذا الحلم الغريب، التقى يوسف بشخص غريب المظهر. كان رجلًا مسنًا، يرتدي ثيابًا فضفاضة ويحمل عصا خشبية كبيرة. نظر الرجل إلى يوسف وقال بصوت عميق: “أنت هنا لأنك في مفترق طرق. لكن قبل أن تكمل رحلتك، يجب أن تعلم أن كل شيء هنا مرتبط بالاختيارات التي ستقوم بها.”

“ولكني لا أفهم!” قال يوسف بقلق، “لماذا أعيش نفس اللحظة مرتين؟”

ابتسم الرجل وقال: “الزمن ليس كما تعتقد. الحلم الذي تراه ليس سوى حلقة مغلقة، حيث يتكرر الزمن نفسه ليتيح لك الفرصة لاختيار الطريق الذي يناسبك. فكل اختيار سيغير مجرى الأحداث.”

في تلك اللحظة، بدأ يوسف يشعر بأن الحلم كان يحمل رسالة عميقة لم يكن يدركها من قبل. لم يكن مجرد تكرار لحظات، بل كان دعوة للتفكير في خياراته في الحياة. مع مرور الوقت، أصبح يلاحظ أن كل مرة يستيقظ فيها، كانت تحمل معه إجابة جديدة، حتى ولو كانت صغيرة، حول ما يجب عليه فعله في الحياة الواقعية.

لكن الأمر لم يكن بهذه السهولة. مع كل مرة يستيقظ فيها، شعر يوسف وكأن شيئًا ما يفقده. لم يعد قادرًا على العودة إلى المكان الذي رآى فيه الرجل العجوز. أصبح يحاول جاهدًا تذكر كل التفاصيل التي مر بها في تلك اللحظات، لكنه كان يشعر أن هناك شيئًا غريبًا يعيق ذهنه من الوصول إلى الحقيقة.

في نهاية الحلم، التقى يوسف بنفسه في مكان بعيد عن ذلك الوادي الرملي. شعر بشيء غريب، كأن الزمن قد توقف، أو أن الزمن نفسه هو من كان يتحكم فيه. ثم اقتربت منه صورة ضبابية لنفسه، وقالت له: “انتبه لخطواتك، لأن كل مرة تستيقظ فيها ستقربك أكثر من الإجابة التي تبحث عنها.”

استفاق يوسف فجأة في صباح اليوم التالي، ليجد نفسه في غرفته الصغيرة مرة أخرى. ولكن هذه المرة، شعر بشيء مختلف. كان هناك شعور عميق بالسلام في قلبه. لقد فهم أخيرًا أن الحلم ليس مجرد تكرار للزمن، بل هو رسالة لتوجيهه نحو الطريق الذي يجب أن يسلكه. أصبح يعلم أن كل لحظة من حياته لها أهمية، وأن الاختيارات التي يتخذها في كل ثانية تؤثر في مستقبله.

أصبح يوسف أكثر وعياً بما يدور حوله، وأخذ يعي أهمية كل خطوة يخطوها. ولكن السؤال الذي ظل يطارده هو: هل فعلاً استيقظ من الحلم، أم أنه لا يزال يعيش في تلك اللحظة الغريبة التي لا نهاية لها؟

في النهاية، أدرك يوسف أن الحياة مثل الحلم الذي استيقظ مرتين، مليئة بالخيارات التي تؤدي بنا إلى طرق مختلفة. ولكن في كل مرة نختار، نقترب أكثر من معرفة من نحن ومن نريد أن نكون. قد تكون الإجابة التي يبحث عنها يوسف مختبئة في اختياراته اليومية، وفي الطريقة التي يواجه بها التحديات.


ما رأيك في الحلم الذي استيقظ فيه يوسف مرتين؟ هل تعتقد أن كل واحد منا يعيش حلقة متكررة من اختياراته، أم أن الأمور تحدث لأسباب مجهولة لا نعرفها؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى