الحلم الأخير
كانت ليلة شتوية هادئة، والرياح تعصف بالخارج كأنها تخبر حكاية لا يسمعها أحد. في زاوية صغيرة من المدينة، جلس “عمر” على سريره، متأملاً السقف، وعقله غارق في بحر من الأفكار. كان الحلم الأخير الذي رآه ليلة الأمس يطارد ذهنه بشكل لم يعهده من قبل.
عمر شاب في الثلاثين من عمره، عاش حياة بسيطة مليئة بالأحلام التي لم تتحقق. كان دائمًا يحلم بالسفر إلى أماكن بعيدة، وبأن يكون شخصًا يترك أثرًا في العالم. ولكن الروتين والظروف كانت دائمًا أقوى منه، حتى بات يشعر أن أحلامه تتبخر واحدة تلو الأخرى.
في تلك الليلة، وبينما كان يغط في النوم، وجد نفسه في حلمٍ غريب. كان يقف وسط غابة كثيفة الأشجار، ضوء القمر يتسلل عبر الأغصان ليضيء طريقًا يبدو أنه يقوده إلى مكان مجهول. في نهاية الطريق، ظهرت بوابة ذهبية ضخمة محفور عليها كلمات لم يستطع قراءتها. فجأة، ظهر رجل مسن، يرتدي ثوبًا أبيض طويلًا، وأشار إلى البوابة قائلاً: “هذا هو حلمك الأخير. اختر بحكمة.”
لم يفهم عمر معنى الكلمات، لكنه شعر برغبة قوية في فتح البوابة. عندما دفعها، وجد نفسه في مدينة مذهلة، بُنيت من الذهب والفضة، ويمشي فيها الناس بابتسامات هادئة وأرواح مليئة بالسلام. لكنه لاحظ شيئًا غريبًا: كل شخص يحمل صندوقًا صغيرًا، وكان الجميع ينظرون إلى صناديقهم بابتسامة رضا.
تقدم منه رجل وسأله: “أين صندوقك؟”
نظر عمر حوله بارتباك وقال: “لا أملك صندوقًا. ما معنى هذه الصناديق؟”
ابتسم الرجل وقال: “هذه الصناديق تحتوي على أحلامنا الأخيرة. كل منا هنا عاش حلمه الأخير وتحول إلى حقيقة. لهذا نحن سعداء.”
شعر عمر بمزيج من الحزن والدهشة. سأل الرجل: “وكيف أحقق حلمي الأخير؟”
أشار الرجل إلى قمة جبل بعيد وقال: “اصعد هناك. ستجد ما تبحث عنه.”
بدأ عمر رحلته نحو الجبل، وكل خطوة كانت أصعب من التي قبلها. كان الجبل مليئًا بالصخور الحادة والمنحدرات الخطيرة، لكن إصراره على معرفة حلمه الأخير كان أقوى من التعب والخوف.
عندما وصل إلى القمة، وجد مرآة كبيرة تعكس صورة لم يستطع تصديقها: كان يرى نفسه، ولكن بنسخة أكثر سعادة ورضا. كانت النسخة التي أمامه تقول له: “حلمك الأخير ليس شيئًا بعيد المنال. إنه أنت. عليك فقط أن تؤمن بنفسك وتبدأ.”
استيقظ عمر من النوم، وقلبه ينبض بشدة. لم يكن الحلم مجرد خيال عابر، بل كان رسالة. قرر في تلك اللحظة أن يتوقف عن التسويف والخوف، وأن يبدأ في السعي لتحقيق أحلامه، مهما كانت بسيطة. بدأ بكتابة قائمة بأهدافه، وبدأ في تنفيذها واحدة تلو الأخرى.
مع مرور الأيام، تغيرت حياة عمر بشكل جذري. لم يعد شخصًا يهرب من أحلامه، بل أصبح يسعى لتحقيقها بكل شجاعة. أدرك أن الحلم الأخير لم يكن بوابة أو مدينة ذهبية، بل كان رحلته نحو الإيمان بنفسه والعيش بشغف.
والآن عزيزي القارئ، ما هو حلمك الأخير؟ وهل ستتخ
ذ الخطوة الأولى لتحقيقه؟