قصص رومانسيه

نافذة على الماضي

نافذة على الماضي

نافذة على الماضي

 

في أحد أحياء القاهرة القديمة، كانت هناك نافذة صغيرة تطل على زقاق ضيق. لم تكن النافذة تلفت النظر من الوهلة الأولى، فهي مجرد إطار خشبي بسيط بطلاء تقشر مع الزمن، لكن من اقترب منها شعر وكأن الزمن يعود به إلى الوراء. كان أصحاب الحي يطلقون عليها “نافذة الماضي”؛ فقد كانت لها قدرة عجيبة على سرد حكايات عن أناس عاشوا قبل مئات السنين.

 

البداية

 

في يومٍ ماطر، انتقل “سليم”، شابٌ في العشرينات من عمره، إلى منزلٍ ورثه عن جدته. كان المنزل متهالكًا ومليئًا بالأثاث القديم، لكنه يحمل عبق التاريخ. وبينما كان سليم يستكشف المنزل، لفتت انتباهه تلك النافذة الصغيرة. لم تكن مميزة في شكلها، لكنها كانت تطل على مشهد مختلف تمامًا عن ما هو في الخارج. بدلاً من رؤية السيارات والزحام المعتاد، رأى سليم مشاهد تعود لقرون مضت: رجال يرتدون جلابيب واسعة، نساء يحملن الجرار فوق رؤوسهن، وأطفال يركضون في أزقة مليئة بالبضائع.

 

الاكتشاف

 

في البداية، ظنّ سليم أن ما يراه هو مجرد خيال بسبب الإرهاق. لكنه مع مرور الأيام، لاحظ أن المشاهد تتغير كلما نظر من النافذة في أوقات مختلفة. قرر أن يتحدث مع جارته العجوز “الحاجة زينب”، التي عاشت في الحي لعقود. أخبرته زينب أن هذه النافذة لها سمعة غريبة منذ زمن طويل، وأن جدته كانت تحذر الجميع من الاقتراب منها، مدعيةً أنها بوابة إلى عالم آخر.

 

الفضول يقود إلى المزيد

 

لم يستطع سليم مقاومة الفضول. بدأ يقضي ساعات طويلة أمام النافذة، يراقب ما يجري في العالم الآخر. لاحظ أن الأشخاص الذين يراهم عبر النافذة يتكررون، وأن حياتهم تتبع نمطًا معينًا، وكأنها قصة مكتوبة مسبقًا. كان هناك شاب يُدعى “يونس”، تاجر يعمل في السوق، ويبدو دائمًا منشغلًا في جمع المال. وفتاة تُدعى “هند”، كانت تعيش في منزل قريب وتعاني من ظروف صعبة.

 

التورط في القصة

 

ذات يوم، لاحظ سليم أن هند تتعرض للظلم من قبل أحد التجار الذين يعملون مع يونس. شعر برغبة غريبة في التدخل، رغم أن الأمر بدا مستحيلاً. حاول أن يصرخ أو يطرق النافذة، لكن لم يسمعه أحد. ثم اكتشف أن بإمكانه الكتابة على زجاج النافذة من الداخل، وأن الأشخاص في العالم الآخر يستطيعون قراءة ما يكتبه. كتب سليم رسالة ليونس، يحذره فيها من تصرفات التاجر الظالم.

 

النتائج

 

بعد أن قرأ يونس الرسالة، بدأ يتصرف بناءً عليها. طرد التاجر الظالم وساعد هند في بدء عملها الخاص. كانت الأمور تتحسن في العالم الآخر، وسليم يشعر بسعادة غامرة لأنه أثر على حياة هؤلاء الناس. لكنه سرعان ما أدرك أن النافذة ليست مجرد وسيلة لمشاهدة الماضي، بل هي أداة لتغييره.

 

الجانب المظلم

 

مع مرور الوقت، لاحظ سليم أن كل تغيير يُحدثه في الماضي ينعكس على الحاضر بطريقة غير متوقعة. بعد أن ساعد هند، لاحظ أن عائلته فقدت إحدى ممتلكاتها في الحي. أدرك أن تدخلاته تحمل عواقب وخيمة، لكنه لم يستطع التوقف. كلما حاول إصلاح خطأ، كان يصنع خطأً أكبر.

 

القرار الصعب

 

بعد أشهر من التورط في أحداث الماضي، قرر سليم أن يتوقف عن استخدام النافذة. أدرك أن الماضي يجب أن يبقى كما هو، وأن محاولاته للتغيير قد تفسد الحاضر. أغلق النافذة وأحكم إغلاقها، لكنه شعر بثقل القرار. فقد أصبح مرتبطًا بعالم النافذة وأحداثه.

 

النهاية

 

بعد سنوات، ورث المنزل أحد أقارب سليم، ووجد النافذة مغلقة بإحكام. رغم التحذيرات، لم يستطع مقاومة الفضول. وعندما فتحها، بدأ فصل جديد من الحكاية.

 

السؤال للقارئ:

إذا أتيحت لك فرصة لتغيير شيء في الماضي عبر نافذة كهذه، هل ستغامر بتغيير

الأحداث، أم ستتركها كما هي؟ ولماذا؟

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى