موعد مع القدر

موعد مع القدر

في قرية صغيرة تقع بين الجبال والوديان، عاش شاب يدعى “حسام”. كان حسام شابًا طموحًا، لكنه دائمًا ما شعر بأن حياته عادية ومملة. كل يوم كان يبدأ وينتهي بنفس الروتين: يذهب إلى الحقول مع والده، يعود إلى المنزل، يتناول طعام العشاء، ثم يخلد للنوم تحت السماء المرصعة بالنجوم. لكن، بداخله، كان حسام يعلم أن هناك شيئًا ينتظره، شيئًا أكبر من حياة الريف الهادئة.

في إحدى الليالي الهادئة، وبينما كان يجلس تحت شجرة التوت الكبيرة في وسط القرية، لمح حسام رجلًا غريبًا يرتدي عباءة سوداء، وملامحه غامضة تحت ضوء القمر. اقترب الرجل منه وقال بصوت هادئ: “هل تؤمن بالقدر يا حسام؟”. تفاجأ حسام بسماع اسمه من رجل لم يره من قبل، لكنه استجمع شجاعته ورد قائلاً: “نعم، أؤمن بالقدر. لكنه لم يمنحني شيئًا مميزًا حتى الآن”. ابتسم الرجل الغريب وقال: “القدر ينتظرك، لكن عليك أن تختار طريقك بنفسك. غدًا، عند شروق الشمس، ستجد مفترق طرق. اتبع الطريق الذي يناديك”. ثم اختفى الرجل في الظلام كما ظهر.

لم ينم حسام تلك الليلة، فقد أثارت كلمات الرجل فضوله. مع شروق الشمس، قرر حسام أن يذهب إلى المكان الذي أشار إليه الرجل الغريب. بالفعل، عند أطراف القرية، وجد مفترق طرق لم يكن هناك من قبل. كان أحد الطرق يؤدي إلى الجبال، والآخر إلى الغابة الكثيفة. شعر حسام بشيء داخلي يدفعه نحو الغابة، فقرر اتباع حدسه.

بينما كان يسير في الغابة، بدأ يسمع همسات خافتة وكأن الأشجار تتحدث إليه. بعد ساعات من السير، وصل إلى كوخ صغير بين الأشجار، بدا كأنه جزء من الغابة نفسها. عند دخول الكوخ، وجد امرأة عجوزًا تجلس بجوار نار مشتعلة. نظرت إليه وقالت: “لقد كنت أنتظرك، يا حسام. أنت المقدر له إنقاذ القرية من خطر قادم”. شعر حسام بالدهشة والخوف في آن واحد وسألها: “ما الخطر؟ وكيف يمكنني مواجهته؟”.

أخبرته العجوز أن نهر القرية، الذي يعتبر شريان حياتها، سينضب قريبًا بسبب لعنة ألقيت على القرية منذ سنوات طويلة. هذه اللعنة ستؤدي إلى جفاف المحاصيل وهلاك القرية بأكملها. وأضافت: “لديك فرصة وحيدة لإنقاذ قريتك. هناك زهرة نادرة تنمو في قمة الجبل العالي. يجب أن تحضرها قبل اكتمال القمر القادم”.

عاد حسام إلى القرية وأخبر والده بما حدث، لكنه قوبل بالسخرية وعدم التصديق. لم يهتم حسام، فقد شعر في داخله أن مهمته حقيقية. في صباح اليوم التالي، بدأ رحلته نحو قمة الجبل. كان الطريق شاقًا ومليئًا بالمخاطر، لكن حسام لم يستسلم.

واجه في طريقه عاصفة قوية، وكاد يسقط من منحدر صخري. كما اعترضته ذئاب جائعة، لكنه تمكن من تفاديها بشجاعة وذكاء. في النهاية، وبعد أيام طويلة من التعب والجوع، وصل إلى قمة الجبل. هناك، وجد الزهرة النادرة، متألقة بألوانها الزاهية وسط الثلوج البيضاء.

عندما عاد إلى الكوخ في الغابة، أخبرته العجوز أنه الآن يجب أن يسقي الزهرة بماء النهر كي تنمو أوراقها السحرية. عاد حسام إلى القرية وسحب الماء من النهر قبل أن يبدأ بالجفاف تمامًا. وعندما سقى الزهرة، بدأت تنمو بسرعة مدهشة، وأضاءت أوراقها بنور ذهبي ساحر.

أخذ حسام الأوراق الذهبية إلى العجوز، التي صنعت منها مشروبًا سحريًا وسكبته في النهر. فجأة، بدأت مياه النهر تتدفق بغزارة لم تشهدها القرية من قبل، وعادت الحياة إلى الأرض من جديد.

عاد حسام إلى قريته كالبطل الذي أنقذها من الهلاك. لم يعد شابًا عاديًا بعد اليوم، بل أصبح شخصًا يتحدث الجميع عن شجاعته وتصميمه. أدرك حسام أن القدر لم يكن مجرد انتظار، بل كان يتطلب الإيمان والشجاعة لاتخاذ الخطوة الأولى.

والآن، عزيزي القارئ، هل تعتقد أن القدر يكتب حياتنا أم

أننا نصنعه بأفعالنا؟