لقاء الغرباء في الظلال

لقاء الغرباء في الظلال

في ليلةٍ مقمرة، كانت المدينة تغطُّ في سكونٍ غريب. تتخلَّلُ أزقتها ظلالٌ طويلة تُلقيها أعمدة الإنارة، وكأنها أسرارٌ مخبأة تنتظر من يكتشفها. بين تلك الأزقة الضيقة، كانت خطوات رجلٍ شاب تُحدث صدى خفيفًا، وهو يسير حاملاً حقيبة صغيرة تبدو ثقيلة.

عالم القصص

كان اسمه سامر، شابٌ في الثلاثين من عمره، يعمل كمصورٍ حر يعشق التقاط لحظات الحياة الخفية. تلك الليلة لم تكن عادية بالنسبة له؛ فقد تلقى رسالة غامضة عبر البريد الإلكتروني. كانت الرسالة تحتوي على دعوة للقاء شخص في مكان محدد دون أي تفاصيل أخرى. حملت الرسالة توقيعًا غريبًا: “صديق من الظلال”.

على الرغم من غرابة الدعوة، شعر سامر بفضولٍ لا يستطيع مقاومته. كان المكان الذي تم تحديده محطة قطار مهجورة تقع على أطراف المدينة. وصل سامر إلى المكان بعد منتصف الليل، حيث كان الصمت يهيمن على المشهد، إلا من صوت طفيف للرياح التي تحرك الأشجار المحيطة.

الظهور الأول

بينما كان سامر ينتظر، لاحظ شخصًا يتقدم من بين الظلال. كان رجلاً يرتدي معطفًا طويلًا وقبعة تغطي جزءًا من وجهه. تقدَّم الرجل بخطوات ثابتة حتى وقف أمام سامر وقال بصوتٍ هادئ: “شكرًا لأنك أتيت.”

سأل سامر بحذر: “من أنت؟ ولماذا طلبت مقابلتي؟”

ابتسم الرجل وقال: “أنا شخص يعرف عنك أكثر مما تتصور. دعنا نقول إنني حارس أسرار هذه المدينة، وأحتاج إلى مساعدتك في أمر خطير.”

عالم القصص

لم يُخفِ سامر دهشته وسأل: “ما الأمر؟ وكيف لي أن أساعدك؟”

أخرج الرجل من جيبه صورة قديمة وأعطاها لسامر. كانت الصورة تظهر مكانًا غريبًا، يشبه حديقةً مهجورة محاطة بجدران حجرية مرتفعة. قال الرجل: “هذا المكان يحتوي على سرٍ خطير. أحتاج منك أن تلتقط صورًا تفصيلية له، لأنني لا أستطيع الدخول إليه بنفسي.”

سأل سامر: “لماذا أنا؟”

أجاب الرجل: “لأنك مصورٌ ماهر، ولأنك تعرف كيف تتحرك بهدوء دون أن تُلاحظ.”

البحث عن الحديقة

أخذ سامر المهمة على مضض، لكن الفضول كان دافعه الأساسي. بدأ بالبحث عن المكان الذي ظهر في الصورة، مستخدمًا مهاراته في التحري ومعرفة أزقة المدينة. استغرق الأمر عدة أيام حتى وجد الحديقة المهجورة، التي كانت مخفية وراء بوابة صدئة مغطاة بالكروم.

تسلَّل سامر إلى الداخل بحذر، وكانت الحديقة تبدو وكأنها مشهد من فيلمٍ قديم. الأشجار العالية والنباتات المتشابكة كانت تخلق جوًا غامضًا. بدأ بالتقاط الصور، لكنه لاحظ شيئًا غريبًا: كانت هناك نقشات على الجدران تحتوي على رموز غير مفهومة.

عالم القصص

بينما كان سامر يقترب من إحدى الزوايا لالتقاط صورة أوضح، سمع صوت خطوات تقترب. تجمَّد في مكانه، محاولًا فهم مصدر الصوت. فجأة، ظهر شخص آخر، امرأة هذه المرة، تبدو وكأنها كانت تنتظره.

قالت المرأة: “كنت أعلم أنك ستأتي.”

تفاجأ سامر وسأل: “من أنت؟ وهل تعرفين الرجل الذي أرسلني؟”

ابتسمت المرأة وقالت: “أنا شريكته، لكن يبدو أنه لم يخبرك بكل شيء.”

كشف الأسرار

بدأت المرأة بسرد قصةٍ غريبة عن الحديقة. قالت إن المكان كان يستخدم منذ عقود كمخبأ لجماعة سرية كانت تؤمن بوجود قوى خارقة للطبيعة. تلك الرموز على الجدران كانت مفاتيح لفتح بوابة تؤدي إلى “عالم الظلال”، وهو عالم موازٍ يُقال إنه مليء بالأسرار والمخاطر.

قالت المرأة: “نحن بحاجة إلى الصور لتفسير الرموز وفهم كيفية استخدام البوابة، لكن عليك أن تكون حذرًا؛ لأن هناك من يراقبنا.”

عالم القصص

عاد سامر ومعه الصور إلى الرجل الغامض، الذي بدا سعيدًا جدًا بالنتائج. قال: “لقد أنجزت مهمتك بنجاح. الآن يمكننا المضي قدمًا.”

سأل سامر: “ما الذي ستفعله بهذه الصور؟”

أجاب الرجل: “سأستخدمها لفك الشيفرة والوصول إلى عالم الظلال. لكن هذا ليس نهاية رحلتك؛ فأنت الآن جزء من هذا السر.”

انتهى اللقاء، لكن سامر لم يستطع التوقف عن التفكير في الأمر. هل كان عليه أن يثق بهذا الرجل؟ أم أن هناك خطرًا أكبر مما كان يتصور؟

ماذا ستفعل لو كنت مكان سامر؟ هل ستتابع استكشاف عالم الظلال أم ستنسحب؟