قلبان في مدينة الضباب

قلبان في مدينة الضباب

في مدينة ضبابية هادئة تقع بين تلال مرتفعة، حيث تعانق السحب البيوت الصغيرة كل صباح، كانت تعيش فتاة تُدعى “ريما”. ريما كانت فتاة هادئة، تعشق الكتب وتمضي وقتها في استكشاف أسرار الطبيعة المحيطة بها. كانت تعتبر الضباب غطاءً سحريًا يحفظ مدينتها الصغيرة من العالم الخارجي.

ريما، التي عاشت وحيدة منذ وفاة والديها، كانت تعمل في مكتبة قديمة في وسط المدينة. تلك المكتبة كانت موطنها الثاني، حيث تقرأ القصص وتنسج أحلامًا عن الحب والمغامرة. في يوم غائم كغيره من الأيام، وبينما كانت ترتب رفوف المكتبة، دخل شاب غريب إلى المكان. كان يبدو مختلفًا، بملامح جذابة وعيون تفيض حزنًا عميقًا.

عرّف نفسه باسم “سامر”، وقال إنه كاتب يبحث عن الإلهام. جذبته تلك المكتبة، وأخبر ريما أنه استشعر فيها روحًا قد تلهمه. بدأت ريما وسامر الحديث عن الكتب والحياة، وشيئًا فشيئًا، بدأ الضباب الذي يملأ حياتهما يتلاشى.

لقاء غير متوقع

على مدار الأسابيع التالية، أصبح سامر زائرًا دائمًا للمكتبة. كانا يتشاركان النقاش حول الروايات الكلاسيكية والشعر، وأحيانًا كان يقرأ لريما بعضًا مما يكتبه. كانت كلماته تحمل حزنًا، لكن أيضًا أملًا خفيًا. لم تكن ريما تعلم أنه جاء إلى مدينتها هاربًا من ماضٍ مليء بالآلام والفقد.

بدأت العلاقة بينهما تتحول إلى شيء أعمق، شيء يشبه شعاع الشمس الذي يخترق الضباب. شعرت ريما بأنها وجدت شخصًا يفهمها ويشاركها رؤيتها للحياة. أما سامر، فكان يرى في ريما ملاذًا آمنًا يلملم جراحه.

أسرار الضباب

في إحدى الليالي، وبينما كانا يتجولان في الغابة القريبة، سأل سامر ريما:

“هل فكرتِ يومًا لماذا يحيط هذا الضباب بمدينتك دائمًا؟”

ابتسمت ريما وأجابت:

“ربما هو حامي المدينة، مثل درع خفي.”

لكن سامر كان يحمل نظرة مختلفة. كشف لريما عن حلم غريب كان يراه منذ وصوله إلى المدينة. كان يرى نفسه يسير وسط الضباب، يسمع همسات وأصواتًا كأنها تناديه. أخبرها أن هذه الأصوات تقوده دائمًا إلى شجرة ضخمة في وسط الغابة.

قرر الاثنان أن يكتشفا سر الشجرة. وفي صباح أحد الأيام، ومع طلوع الشمس، انطلقا سويًا إلى الغابة.

الاكتشاف

وسط الغابة الكثيفة، وجدا الشجرة التي كان سامر يحلم بها. كانت ضخمة وأوراقها داكنة، وكأنها تحمل تاريخًا قديمًا. عند اقترابهما منها، شعرا بطاقة غريبة تحيط بهما. كان هناك نقش محفور على جذع الشجرة.

قرأ سامر الكلمات بصوت مرتجف:

“من يجد هذه الشجرة، يجد الحقيقة.”

وفجأة، بدأ الضباب المحيط بهما يتلاشى، وكأن شيئًا خفيًا انكسر. ظهرت أمامهما لوحة من المشاهد الطبيعية الجميلة، لم يكن أحد في المدينة قد رآها من قبل. كانت هناك وديان وأنهار، ومروج خضراء تمتد بلا نهاية.

القرار

أدرك سامر وريما أن الضباب لم يكن سوى حاجز يحمي سكان المدينة من جمال العالم الخارجي الذي يمكن أن يكون مغريًا ولكنه قد يحمل خطرًا أيضًا. لكنهما قررا أنهما لن يكتفيا بالبقاء في هذا العالم المحمي، بل سيغامران ويكتشفان ما وراء الضباب.

عادا إلى المدينة وأخبرا القليلين بما اكتشفاه. بعض الناس لم يصدقوا قصتهما، بينما البعض الآخر شعر بالفضول. بالنسبة لريما وسامر، كان القرار واضحًا. حمل كل منهما قلبه الشجاع وقررا الرحيل لاستكشاف العالم، حاملين معهما قصة حب بدأت وسط الضباب لكنها لم تنتهِ عنده.

سؤال للقارئ

إذا كنت في مكان سامر وريما، هل كنت ستغامر لاك

تشاف ما وراء الضباب أم ستكتفي بالأمان في مدينتك؟