في انتظار القمر

عندما يستقر الليل ويهدأ العالم، تكون ليلة في الريف المهجور معبقة بعطر الطبيعة وصوت الحيوانات الليلية. في تلك الليلة، كانت سليمى جالسة في بيتها الخشبي الصغير المقام فوق تلة مطلة على وادِ شاسع. كان وجهها المضاء بنور الشموع يشير إلى الصفاء والسكينة، ولكن عينيها كانتا مملوئتين بالترقب.

أشعلت سليمى شمعتها المفضلة ووضعتها في النافذة. كانت النافذة تواجه قمة جبلٍ بعيدة حيث كانت تعلم أن القمر سوف يظهر بكامل بهائهِ. كانت تنتظره منذ أيام، وتقضي الليالي في ترقّب ظهوره.

في كل ليلة عندما يتأخر القمر، تكتب سليمى في دفتر صغير تحتفظ به معها دائمًا. كانت تكتب أفكارها وتساؤلاتها: “ماذا يفعل القمر وهو غائب عنّي؟ هل يشعر بنا مثلما نشعر به؟”

في تلك الليلة، عندما ظهر القمر أخيراً وفي كماله، شعرت سليمى بالانتعاش. نظرت إليه وكأنهما يتبادلان الحديث صمتا. تذكرت كيف كانت تقص قصص القمر لأخيها الصغير قبل سنوات. كانت تحكي له عن كيف يسبح القمر في السماء ويراقب أحلام الناس.

في صباح اليوم التالي، كانت سليمى مملوءة بالطاقة والإلهام. قررت أن ترسم مشهد القمر وهو يشرق فوق الوادِ الشاسع. قضت ساعات في رسم التفاصيل، من نور القمر إلى انعكاسه فوق مياه النهر.

بعد أيام، وفي معرض فني في المدينة، عرضت سليمى لوحتها وأطلقت عليها اسم “في انتظار القمر”. كان المشهد يسحر الجميع ويجعلهم يشعرون بتلك الحظات المميزة وهم ينتظرون القمر ويراه ينير الليل.