عبور الحاجز

 

عبور الحاجز: قصة تحدي الذات وإثبات القوة

 

المقدمة

 

في بلدة صغيرة تقع بين الجبال والسهول، عاش “أحمد”، شاب في العشرين من عمره. كان أحمد يتمتع بطاقة وحماس كبيرين، لكنه ظل طوال حياته يشعر أن هناك حاجزًا يقف بينه وبين تحقيق أحلامه. كان هذا الحاجز غير مرئي، لكنه ثقيل ومزعج، يتجلى في كل مرة يحاول فيها خوض تجربة جديدة أو السعي نحو هدف كبير.

 

كان أحمد يسمع دائمًا من أصدقائه وأفراد عائلته أن الأحلام الكبيرة ليست لأمثاله. نشأ في أسرة بسيطة لا تؤمن إلا بما تراه أمامها من نجاحات مضمونة. كان التحدي الحقيقي بالنسبة له ليس في العالم الخارجي، بل في كسر القيود التي وضعها لنفسه في عقله.

 

 

—

 

بداية الصراع

 

كان أحمد يهوى ركوب الخيل منذ صغره. كل يوم، كان يقف أمام مضمار السباق ينظر إلى الحواجز المرتفعة التي يقفزها الفرسان بخيولهم، يتمنى لو كان مكانهم. لكنه كان يخاف أن يفشل، أن يسقط من على الحصان أمام أعين الناس. كانت هذه الفكرة تكبّله مثل قيود حديدية.

 

وفي يوم من الأيام، أقيم سباق سنوي كبير في البلدة، حيث يتنافس الفرسان على القفز بالخيول فوق أعلى الحواجز. جازف صديقه المقرب “سعيد” وسجل أحمد في المسابقة دون علمه. تفاجأ أحمد بالخبر، لكنه لم يستطع التراجع لأن اسمه أصبح معلنًا بين المشاركين.

 

“أنت تستطيع يا أحمد!” قال له سعيد بابتسامة مشجعة.

 

“لكنني لم أقفز حاجزًا من قبل! سأفشل، وستضحك عليّ البلدة بأكملها!” أجابه أحمد بقلق.

 

 

 

—

 

القرار الصعب

 

في تلك الليلة، جلس أحمد يفكر بعمق. هل يهرب من المواجهة كعادته، أم يقرر مواجهة خوفه لأول مرة في حياته؟ تذكّر والدته التي لطالما كانت تقول له: “لا شيء مستحيل ما دمت تؤمن بنفسك.” قرر أن يذهب إلى المضمار ويتدرب مهما كان الأمر صعبًا.

 

في صباح اليوم التالي، توجه إلى المدرب “حسين”، فارس قديم اعتزل السباقات بسبب إصابة. قال له أحمد:

 

“أريد أن أتعلم القفز فوق الحواجز، أريد أن أتحدى خوفي.”

ضحك المدرب في البداية، لكنه رأى الإصرار في عيني أحمد، فوافق على تدريبه.

 

 

 

—

 

رحلة التدريب الشاقة

 

بدأ التدريب وكان أصعب مما توقعه أحمد. كان الحصان يرفض القفز في البداية، وعندما يقفز، كان يسقط أحيانًا. bruises ظهرت على جسده من كثرة السقوط، لكن ما أوجعه أكثر كان تعليقات الناس الساخرة:

 

“هل تظن نفسك فارسًا حقيقيًا؟”

 

“عد إلى بيتك، هذا ليس مكانك!”

 

 

لكن أحمد تجاهل كل شيء. بدأ يسمع صوتًا آخر بداخله أقوى من أصواتهم:

 

“أنت تستطيع… اكسر الحاجز.”

 

 

كان المدرب حسين صبورًا، وكان يخبره دائمًا:

 

“السقوط لا يعني الفشل، بل يعني أنك تحاول. الحاجز الحقيقي ليس ما تراه أمامك، بل هو الخوف بداخلك.”

 

 

 

—

 

اليوم الحاسم

 

حلّ اليوم المنتظر. اجتمع أهالي البلدة لمشاهدة السباق. كان المضمار مليئًا بالحواجز التي بدت وكأنها تعانق السماء. شعر أحمد بقلبه ينبض بقوة، لكن هذه المرة لم يكن الخوف هو المسيطر عليه، بل الحماس والإصرار.

 

صعد على حصانه “رعد”، تنفس بعمق، ثم انطلق. قفز الحاجز الأول بنجاح! ارتفعت صيحات التشجيع من بين الحضور. ثم جاء الحاجز الثاني، فقفز أحمد بخفة، متجاوزًا خوفه مرة أخرى.

 

لكن عند الحاجز الثالث، ارتكب خطأ بسيطًا وفقد توازنه ليسقط من فوق الحصان. صمت الجميع للحظة. شعر أحمد بالحرج، لكنه تذكّر كلام مدربه:

 

“السقوط لا يهم… المهم أن تنهض من جديد.”

 

 

نهض أحمد بسرعة واعتلى حصانه مرة أخرى، ليكمل السباق وسط هتافات الناس.

 

 

—

 

الانتصار الحقيقي

 

وصل أحمد إلى الحاجز الأخير. كان الأعلى والأصعب، لكنه كان أيضًا الفرصة الأخيرة لإثبات نفسه. نظر إلى الحاجز نظرة تحدٍ، وشعر أن كل سنوات الخوف والشك أصبحت وراءه. ضغط بقدميه على جانبي الحصان، فانطلق “رعد” بقوة وقفز.

 

في لحظة، بدت الحياة وكأنها توقفت. شعر أحمد أنه يحلق فوق الحاجز، وأنه يحطم كل القيود التي كبّلته يومًا. وعندما وصل إلى الأرض بأمان، دوّى التصفيق من كل مكان.

 

انتهى السباق، لكنه كان يعلم أن الانتصار الحقيقي ليس الفوز بالمركز الأول، بل كسر الحاجز الداخلي الذي منعه لسنوات من المحاولة.

 

 

—

 

الخاتمة

 

عاد أحمد إلى البيت في ذلك اليوم، ليس كالفارس الذي قفز فوق الحواجز فقط، بل كإنسان تعلم أن الشجاعة ليست في عدم الخوف، بل في مواجهته. أصبحت قصته مصدر إلهام لأبناء البلدة، حتى أن بعضهم بدأ يتدرب على ركوب الخيل ليخوضوا تجربة أحمد.

 

تع

لم أحمد درسًا لن ينساه:

 

“الحواجز ليست أشياء تقف في طريقنا، بل فرص لنثبت أننا أقوى منها.”