رسالة من الماضي

رسالة من الماضي

في بلدة صغيرة تقع بين الجبال، كانت هناك فتاة تدعى “ليلى”، تعيش حياة بسيطة وهادئة. كانت تعمل في مكتبة البلدة وتحب الكتب القديمة التي تحمل بين صفحاتها رائحة الزمن وأسراره. في أحد الأيام، بينما كانت ترتب الكتب في الطابق العلوي من المكتبة، اكتشفت صندوقًا خشبيًا صغيرًا مخفيًا في زاوية مظلمة.

الصندوق كان مغلقًا بقفل قديم، لكن الفضول لم يمنع ليلى من محاولة فتحه. بعد دقائق من المحاولات، تمكنت من كسر القفل. داخل الصندوق، وجدت رسالة مكتوبة بخط يد قديم ومهترئ. كانت الرسالة موجهة إلى “عزيزي”، دون أي اسم آخر.

بدأت ليلى في قراءة الرسالة، التي كانت تحمل كلمات مليئة بالمشاعر:

“إلى عزيزي،

إذا كنت تقرأ هذه الرسالة، فهذا يعني أنني لم أتمكن من إخبارك بما في قلبي. كنت دائمًا أعلم أن هذا اليوم سيأتي، عندما يفرقنا القدر، لكن الحب الذي أكنّه لك سيظل خالدًا. أتمنى أن تعثر على هذه الرسالة يومًا ما، وأن تعرف أنني كنت دائمًا أحبك.

كانت الرسالة غير مكتملة، وكأن الشخص الذي كتبها لم يتمكن من إنهائها.

البحث عن الحقيقة

أثارت الرسالة فضول ليلى بشكل لا يوصف. من كتبها؟ ومن هو “عزيزي” الذي كُتبت له؟ بدأت ليلى في البحث عن إجابات، فتوجهت إلى كبار السن في البلدة، تسألهم عن الصندوق وعن الرسالة.

أخبرها أحدهم، وهو السيد “حسن”، أن الصندوق يعود لعائلة قديمة كانت تعيش في البلدة منذ أكثر من خمسين عامًا. كان الزوجان “يوسف” و”نورا” معروفين بحبهما الكبير لبعضهما البعض، لكن ظروفًا غامضة أجبرتهما على الفراق.

روى حسن أن “نورا” قد اختفت فجأة في أحد الأيام، وتركت وراءها يوسف يعيش على ذكريات حبهم. بعد سنوات، غادر يوسف البلدة أيضًا ولم يسمع عنه أحد مرة أخرى.

اكتشاف المزيد

قررت ليلى البحث في أرشيف المكتبة عن أي معلومات إضافية حول يوسف ونورا. بعد أيام من البحث، عثرت على مجموعة من الصحف القديمة التي ذكرت حادثة اختفاء نورا. كانت هناك تقارير تشير إلى أن نورا تلقت تهديدات بسبب إرث عائلي كبير، وأن اختفائها ربما كان مرتبطًا بذلك.

لم تستطع ليلى تجاهل الإحساس بأن الرسالة التي وجدتها كانت محاولة أخيرة لنورا للتواصل مع يوسف.

رسالة جديدة

في أحد الأيام، بينما كانت ليلى تستعد لمغادرة المكتبة، لاحظت ورقة جديدة موضوعة في الصندوق. لم تكن هناك عندما فتحته أول مرة. كانت مكتوبة بنفس الخط القديم:

“إلى من يجد رسالتي،

الحب لا يموت أبدًا، لكنه قد يضيع إذا لم نسعَ للحفاظ عليه. إذا كنت تؤمن بالحب، فابحث عن نهايتي في المكان الذي بدأ فيه كل شيء.

كانت الكلمات غامضة، لكنها زادت من تصميم ليلى على كشف الحقيقة.

رحلة إلى الماضي

بدأت ليلى في البحث عن “المكان الذي بدأ فيه كل شيء”. من خلال الحديث مع سكان البلدة والبحث في الأرشيف، اكتشفت أن نورا ويوسف كانا يلتقيان دائمًا في غابة صغيرة قرب النهر. قررت ليلى الذهاب إلى هناك، على أمل العثور على دليل جديد.

عندما وصلت إلى الغابة، وجدت شجرة قديمة محفور عليها قلب يحمل الحرفين “ن” و”ي”. تحت الشجرة، وجدت صندوقًا آخر، أكبر هذه المرة.

داخل الصندوق، كانت هناك مجموعة من الرسائل والصور التي توثق قصة حب نورا ويوسف. لكن الأهم كان رسالة أخيرة من يوسف، كتب فيها:

“إلى نورا،

إذا عثرتِ على هذه الرسالة، فاعلمي أنني سأنتظرك دائمًا هنا. المكان الذي شهد أول لحظات حبنا سيظل دائمًا ملجأي.

النهاية المفتوحة

خرجت ليلى من الغابة وهي تحمل الصندوق، وشعرت وكأنها أعادت إحياء قصة حب طواها النسيان. قررت أن تنشر قصة يوسف ونورا في البلدة، ليعرف الجميع عن الحب الذي لم يمت، رغم كل التحديات.

لكن بقي سؤال في ذهن ليلى:

هل كان الحب الذي جمع نورا ويوسف يكفي ليتغلب على الزمن؟ وهل يمكن أن نجد في عصرنا مثل هذا الح

ب؟

ما رأيك؟ هل تؤمن أن الحب الحقيقي لا يموت أبدًا؟