حكاية شارع مزدحم

حكاية شارع مزدحم

عالم القصص

كان شارع “النور” دائمًا مزدحمًا، لكنه لم يكن مجرد شارع عادي. كان يمتد في قلب المدينة، حيث تختلط الأصوات والزحام بروائح الأطعمة الشهية وألوان الإعلانات المضيئة. هذا المكان كان مسرحًا للعديد من الحكايات التي لم يُكتب لها أن تُروى.

في زاوية الشارع، كان هناك متجر صغير يديره رجل يُدعى عم حسن. كان هذا المتجر وجهةً للسكان منذ عشرات السنين. كان يبيع فيه الحلوى والمشروبات البسيطة، لكنه كان أكثر من مجرد متجر؛ كان ملتقى لأهالي الحي، وملاذًا للغرباء الذين يحتاجون إلى الراحة.

في صباح أحد الأيام، ظهر شاب غريب يرتدي ملابس أنيقة، ويحمل حقيبة جلدية فاخرة. جلس أمام المتجر وطلب كوبًا من الشاي. أثار ظهوره فضول الجميع، فقد كان واضحًا أنه ليس من سكان المنطقة.

سأله عم حسن بابتسامة: “ما الذي أتى بك إلى شارعنا؟”

أجاب الشاب بنبرة هادئة: “أنا هنا لأبحث عن شيء مفقود.”

تفاجأ عم حسن بالسؤال، وسأله: “وماذا تبحث عنه؟”

قال الشاب: “أبحث عن ذكريات.”

صمت عم حسن للحظة، ثم قال: “الذكريات لا تضيع يا بني. هي دائمًا هنا، داخلنا.”

ابتسم الشاب وأكمل شايه دون أن يوضح أكثر. في هذه اللحظة، بدأت الحكاية.

عالم القصص

في الجهة الأخرى من الشارع، كان هناك محل لبيع الكتب القديمة يديره رجل مسن يُدعى العم محمود. كان يُعرف بحبه للكتب وحرصه على الحفاظ على القصص القديمة. كان يعتقد أن كل كتاب يحمل روح كاتبه، وأن كل صفحة هي نافذة إلى عالم جديد.

دخل الشاب الغريب إلى المتجر بعد أن غادر عم حسن. بدأ يتصفح الكتب بعناية، وكأنه يبحث عن شيء معين. لفت نظره كتاب صغير بغلاف جلدي مهترئ. أخرجه من الرف وسأل العم محمود: “كم ثمن هذا الكتاب؟”

نظر العم محمود إلى الكتاب ثم قال: “هذا الكتاب ليس للبيع.”

تفاجأ الشاب وسأله: “ولماذا؟”

أجاب العم محمود: “لأنه يحمل قصة لا يمكن بيعها. إنها قصة صاحب الشارع.”

بدأ الشاب يشعر بالفضول وسأل: “من هو صاحب الشارع؟”

جلس العم محمود وبدأ يحكي قصة الرجل الذي أسس شارع النور. كان يُدعى عبد الله، وهو رجل بسيط قرر أن يبني هذا الشارع ليجمع فيه الناس من مختلف الثقافات والخلفيات. كان يؤمن بأن التواصل الإنساني هو أعظم ما يمكن أن يُقدمه الإنسان.

لكن مع مرور الوقت، تغير الشارع. أصبح مزدحمًا بالمحلات والسيارات، وفقد روح التواصل التي كان يحملها في البداية. وترك عبد الله وراءه هذا الكتاب الذي يحكي عن حلمه وعن الأوقات التي كان فيها الشارع مكانًا يجمع القلوب.

عالم القصص

شعر الشاب بأنه وجد ما كان يبحث عنه. اشترى كوبًا آخر من الشاي من عم حسن وعاد إلى العم محمود ليسمع المزيد من الحكايات. جلس طوال اليوم يستمع إلى ذكريات المكان وأهله.

في نهاية اليوم، وقف الشاب أمام الجميع وقال: “شارع النور ليس مجرد شارع مزدحم. إنه مكان يحمل في داخله قصصًا تحتاج إلى من يسمعها. سأبدأ بكتابة هذه القصص ونشرها للعالم.”

ومنذ ذلك اليوم، بدأ الشاب في توثيق حكايات شارع النور. أصبح المكان أكثر من مجرد شارع مزدحم؛ أصبح مركزًا للقصص التي توحد القلوب.

سؤال للقارئ

هل لديك شارع مميز في حياتك يحمل ذكريات لا تُنسى؟ شاركنا قصتك في التعليقات!