الوعد الذي لم يُوفَ به

الوعد الذي لم يُوفَ به

في إحدى القرى الهادئة المحاطة بالجبال الخضراء، كان هناك شاب يُدعى “أمين”. عاش أمين حياة بسيطة، لكنه كان معروفًا بين أهل قريته بصدقه وإخلاصه. كان الجميع يثقون بكلمته، وكان وعده يُعتبر عهدًا لا يُنكث.

ذات يوم، وصل إلى القرية تاجر غريب يُدعى “صالح”. كان صالح رجلاً ذا مظهر أنيق وكلام معسول، لكنه كان معروفًا في القرى المجاورة بمكره وخداعه. بدأ صالح يعرض بضاعته على أهل القرية، وكانت منتجاته تبدو ذات جودة عالية. ولكن كان لكل شيء ثمن باهظ.

اقترب صالح من أمين وعرض عليه صفقة مغرية. قال له: “يا أمين، سمعت عن أمانتك وصدقك. أريد أن أقدم لك فرصة لا تُعوض. لدي قطعة أرض بعيدة لكنها غنية بالذهب والمعادن. سأبيعها لك بسعر زهيد، على أن تسدد لي المبلغ بعد عام من الآن.”

تردد أمين في البداية، لكنه رأى في الصفقة فرصة لتحسين حياته وحياة أسرته. وافق على العرض، وأعطى صالح وعدًا بأنه سيسدد المبلغ بالكامل بعد مرور العام.

بدأ أمين في العمل بقطعة الأرض بحماس. أمضى شهورًا يحفر وينقب، لكنه لم يجد أي أثر للذهب أو المعادن. تحول الحلم الذي باعه صالح إلى كابوس. استدان أمين من أصدقائه وجيرانه ليتمكن من الاستمرار في العمل، ولكنه ظل عاجزًا عن تحقيق أي نتائج.

مع اقتراب موعد السداد، بدأ القلق يتسلل إلى قلب أمين. كيف سيوفي بوعده؟ وكيف سيواجه صالح وأهل قريته؟

في صباح اليوم المحدد، جاء صالح إلى القرية. تجمع أهل القرية لرؤية ما سيحدث. وقف أمين أمام الجميع واعترف بأنه لم يستطع العثور على الذهب وأنه لا يستطيع سداد المبلغ. لكنه طلب فرصة أخرى وقال لصالح: “أعدك أنني سأعمل بجد وسأسدد المبلغ مهما طال الزمن.”

ابتسم صالح ابتسامة ماكرة وقال: “أمين، كنت أعلم أنك لن تجد شيئًا. لقد بعتك وهمًا، لكنك كنت ساذجًا بما يكفي لتصدق. ومع ذلك، سأعفيك من الدين بشرط واحد: أن تعترف أمام الجميع أنك خدعتهم بنفسك وأنك كنت تعلم أن الأرض بلا قيمة.”

صُدم أمين من طلب صالح. كان يمكنه أن ينقذ نفسه، لكنه رفض الكذب والإساءة إلى سمعته. قال بصوت قوي: “لن أفعل. قد أكون قد أخطأت في الحكم، لكنني لم أخدع أحدًا. أتحمل مسؤولية قراري وسأعمل لسداد الدين مهما كلفني الأمر.”

تعاطف أهل القرية مع أمين، وقرروا مساعدته. جمعوا المال وسددوا الدين بالنيابة عنه. أما صالح، فقد غادر القرية وهو يشعر بالهزيمة، بعدما خسر احترام الجميع.

تعلم أمين درسًا قاسيًا، لكنه أصبح أقوى وأشد حكمة. استمر في حياته بشرف، وتأكد أن الوعود ليست مجرد كلمات، بل مسؤولية كبيرة يجب أن تُوفى مهما كانت الظروف.