الممر الضيق

الممر الضيق: بين الحياة والموت

في أحد الأحياء القديمة بإحدى المدن النائية، كان هناك ممر ضيق يربط بين شارعين رئيسيين. لم يكن هذا الممر معروفًا للجميع، بل كان من يمر به يشعر وكأنه دخل عالمًا آخر مليئًا بالأسرار. أطلق السكان المحليون على هذا المكان اسم “الممر الضيق”، وقد حُكي عنه العديد من الأساطير، بعضها يتحدث عن كنز مدفون، والبعض الآخر عن أشباح تحرسه.

البداية:

كان “ياسين”، شابًا يعمل في توصيل الطلبات، يعبر يوميًا هذا الممر لتوفير الوقت. على الرغم من قصص الرعب التي كان يسمعها من زملائه، إلا أنه لم يكن يعيرها اهتمامًا. كان الممر ضيقًا جدًا، بالكاد يتسع لشخص واحد، وكانت جدرانه العالية مغطاة برسومات قديمة وأعشاب زاحفة. الجو داخل الممر دائمًا بارد، حتى في أيام الصيف الحارة، وهو ما كان يثير قشعريرة في جسد كل من يمر به.

الحدث الغريب:

في إحدى الليالي المظلمة، وبينما كان ياسين في طريقه لتوصيل طلب إلى زبون يسكن بالقرب من الممر، لاحظ أمرًا غريبًا. كانت هناك أضواء صغيرة تلمع داخل الممر، كأنها شموع قديمة، لكن لم يكن هناك أي أثر للناس. توقف للحظة، شعر بالخوف، لكنه قرر أن يكمل طريقه بسرعة.

بينما كان يقترب من نهاية الممر، سمع صوت خطوات خلفه. التفت بسرعة، لكنه لم يجد أحدًا. كان المكان فارغًا تمامًا. تزايدت دقات قلبه، لكنه حاول طمأنة نفسه قائلاً: “ربما خيال فقط.”

اكتشاف السر:

في اليوم التالي، قرر ياسين أن يعود إلى الممر، هذه المرة في وضح النهار. أراد أن يفهم ما حدث. لاحظ لأول مرة نقوشًا قديمة محفورة على الجدران. كانت الرموز تبدو غريبة، وكأنها لغة لا يعرفها أحد. قرر أن يلتقط صورًا لهذه الرموز ويرسلها لصديقه “خالد”، الذي كان يدرس علم الآثار.

بعد ساعات، اتصل به خالد بلهجة مليئة بالدهشة:

“ياسين، هذه الرموز تعود إلى حضارة قديمة جدًا. يبدو أنها تشير إلى مكان مخفي أو كنز. أين وجدت هذا؟”

أخبره ياسين عن الممر، وقرر الصديقان أن يستكشفا المكان معًا في الليل.

المغامرة:

عند حلول الليل، وصل ياسين وخالد إلى الممر ومعهما مصباحان صغيران وبعض الأدوات. بدأ خالد يفحص الجدران بعناية، بينما كان ياسين يحرس المكان. فجأة، اكتشف خالد أن هناك حجارة يمكن تحريكها وكأنها باب سري. وبعد محاولات عديدة، نجحا في فتح الحجارة ليجدا نفقًا صغيرًا خلف الجدار.

كان النفق مظلمًا وباردًا بشكل غير طبيعي. تردد الاثنان في الدخول، لكن فضولهما تغلب على خوفهما. كان النفق مليئًا بالغبار والعناكب، ولكنه قادهم إلى غرفة صغيرة تحتوي على صندوق خشبي قديم.

المفاجأة:

فتح خالد الصندوق بحذر ليجدا داخله مجموعة من العملات الذهبية القديمة وكتابًا مكتوبًا بنفس الرموز التي رأياها على الجدران. بدا الكتاب كأنه يروي قصة حضارة قديمة كانت تعيش في هذه المنطقة، وأن الممر كان ممرًا سريًا يستخدمه القادة للهروب في أوقات الخطر.

فرح ياسين وخالد باكتشافهما، لكنهما شعرا بالخطر عندما سمعا صوت خطوات تقترب. تسارعت دقات قلبهما، وأسرعا بإغلاق الصندوق والاختباء.

المواجهة:

دخل رجل غريب إلى الغرفة، يبدو أنه يعرف المكان جيدًا. كان يحمل مصباحًا صغيرًا ويبحث عن شيء ما. أدرك ياسين وخالد أنهما ربما دخلا إلى مكان محظور. قررا الانتظار حتى يغادر الرجل، لكن لحظة خروجهما لم تكن سهلة.

النهاية:

بعد أن تأكدا من خلو المكان، هربا بسرعة، وأخذا الصندوق معهما. قررا إبلاغ السلطات عن اكتشافهما، وبدأت تحقيقات كبيرة حول الممر وما يحتويه. تحول الممر لاحقًا إلى معلم سياحي شهير، وأصبح ياسين وخالد من أشهر مكتشفي الآثار في المدينة.

ظل الممر الضيق رمزًا للغموض والمغامرة، ودرسًا لكل من يستهين بالأماكن التي تبدو عادية. فكل زاوية قد تخفي وراءها قصة تستحق أن تُروى.