اللقاء تحت المطر

اللقاء تحت المطر

عالم القصص

في صباح يوم خريفي بارد، كانت السماء ملبدة بالغيوم الرمادية التي توحي بقرب هطول المطر. سارة، الفتاة العشرينية ذات الروح الحالمة، قررت الذهاب إلى المكتبة العامة لإعادة كتاب استعارتْه منذ أسابيع. ارتدت معطفها الطويل وحملت حقيبتها الصغيرة، ثم خرجت بخطوات مترددة، متجاهلة التحذيرات الجوية.

بينما كانت تسير في الشوارع الهادئة، بدأت القطرات الأولى من المطر تتساقط. أسرعت سارة خطواتها، لكنها لم تفلح في تجنب البلل. وصلت إلى المكتبة أخيرًا، ودخلت وهي تلهث من البرد. وجدت طاولة صغيرة قرب النافذة وجلست عليها بينما كانت تراقب المطر المنهمر.

داخل المكتبة، كان هناك شاب يُدعى عمر، يعمل كموظف هناك. كان عمر شخصًا محبًا للقراءة ولديه شغف بالأدب، لكنه كان منطويًا نوعًا ما ولا يميل إلى الاختلاط كثيرًا. لاحظ وجود سارة وجلوسها قرب النافذة، فشعر بدافع غريب للتحدث إليها.

عالم القصص

اقترب عمر بخجل وسألها: “هل أستطيع مساعدتك في شيء؟”. رفعت سارة رأسها بابتسامة خفيفة وقالت: “لا، شكرًا. فقط أستمتع بمراقبة المطر.” تردد لحظة ثم قال: “إنه مشهد جميل حقًا. المطر دائمًا ما يلهم الكتاب والشعراء. هل تحبين القراءة؟”

أومأت برأسها وقالت: “بالطبع. الكتب تأخذني إلى عوالم أخرى. أنا هنا لإعادة هذا الكتاب، ولكنه انتهى بي الأمر بالتأمل في المطر.” تناول عمر الكتاب من يدها ونظر إلى عنوانه: “أسرار الروح”. قال معجبًا: “اختيار رائع! هذا الكتاب من أفضل الكتب التي قرأتها.”

شعرت سارة بالدهشة وأجابت: “هل حقًا؟ لم أكن أعلم أنك تقرأه أيضًا. ربما يمكنك أن تقترح عليَّ شيئًا مشابهًا؟” بدأ الحوار بينهما يأخذ منحى أكثر حميمية. تحدثا عن الأدب والشعر، وعن حياتهما، وكيف أن كلاهما يجد في الكتب عزاءً من مشاغل الحياة.

عالم القصص

عندما خف المطر قليلًا، شعرت سارة بأنه قد حان الوقت للعودة إلى منزلها. استأذنت من عمر، لكنه اقترح أن يُرافقها إلى محطة الحافلات القريبة، خشية أن تعود السماء لتمطر بغزارة. وافقت بعد تردد، وخرجا معًا تحت سماء ما زالت تحمل بعض الغيوم.

بينما كانا يسيران معًا، بدأ المطر يهطل من جديد، لكن هذه المرة بغزارة أكبر. لم يكن لديهما مظلة، لذلك احتميا تحت سقف محطة الحافلات الصغيرة. نظر عمر إلى سارة وقال مبتسمًا: “يبدو أن المطر يريدنا أن نقضي مزيدًا من الوقت معًا.”

ضحكت سارة بخجل، وقالت: “ربما. لكني سعيدة بهذا اللقاء.” شعر عمر بشيء خاص تجاهها في تلك اللحظة. كانت سارة تحمل في عينيها بريقًا مختلفًا، وبدا وكأن المطر يحمل رسالة غير مرئية لهما.

عالم القصص

بعد ذلك اللقاء، استمر التواصل بينهما. أصبحت المكتبة مكانهما المفضل، حيث يجلسان معًا ويتحدثان عن كل شيء تقريبًا. اكتشفا أن لديهما الكثير من القواسم المشتركة، وأنهما يكملان بعضهما بطريقة فريدة. كان المطر هو البداية، لكنه لم يكن النهاية.

في أحد الأيام، بينما كانا يجلسان معًا في نفس المكان قرب النافذة، أمسك عمر بيد سارة وقال: “سارة، هل تؤمنين أن المصادفات قد تكون بداية لأشياء جميلة؟” أجابت بابتسامة: “أعتقد ذلك. وأظن أن لقاءنا تحت المطر هو أفضل مثال.”

سؤال للقارئ

هل تؤمن أن المصادفات يمكن أن تقودنا إلى أجمل اللحظات في حياتنا؟ شاركنا رأيك في التعليقات.