اللقاء الأخير على الشاطئ
على أطراف المدينة، حيث يلتقي البحر بالرمال الذهبية، كان هناك شاطئ منعزل قلّما تطؤه أقدام البشر. اعتادت نور أن تأتي إلى هذا المكان منذ صغرها، حيث وجدت فيه ملاذًا من صخب الحياة وضجيجها. كان الشاطئ يحتفظ بأسراره الخاصة، وكم من مرة شعرت نور وكأنها تسمع همسات الرياح تتحدث إليها.
لقاء غير متوقع
في إحدى أمسيات الصيف، عندما كان الأفق يشتعل بلون الغروب، جلست نور على صخرة كبيرة تتأمل الأمواج المتلاطمة. فجأة، ظهر شاب غريب الأطوار يبدو عليه الارتباك. كان يرتدي قبعة قديمة ويحمل كتابًا بين يديه. اقترب منها بحذر وسألها: “هل أزعجك إن جلست هنا؟”. هزت رأسها بالإيجاب وابتسمت.
بدأ الاثنان يتحدثان وكأنهما يعرفان بعضهما منذ زمن طويل. كان اسمه آدم، وأخبرها أنه يحب كتابة القصص وأن هذا المكان كان مصدر إلهامه منذ فترة طويلة. اكتشفت نور أن لديهما شغفًا مشتركًا، وهو حب الأدب والطبيعة.
حكايات البحر
بدأ آدم يروي لنور قصصًا عن أساطير البحر، عن حوريات تسكن الأعماق وقراصنة يبحثون عن كنوز ضائعة. كانت قصصه مليئة بالتفاصيل وكأنها حقيقية. مع كل قصة كان يرويها، كانت نور تشعر بأنها تنجذب أكثر لهذا الشاب الغامض.
“لماذا تأتي إلى هنا دائمًا؟”، سألته نور في إحدى الليالي.
أجابها بصوت هادئ: “هذا المكان يحمل ذكريات كثيرة. إنه ملاذي، تمامًا كما هو ملاذك.”
سر آدم
مرت الأيام، وأصبحت لقاءاتهما على الشاطئ عادة يومية. لكن نور لاحظت شيئًا غريبًا في آدم. كان دائمًا ما يتجنب الحديث عن حياته الشخصية. في إحدى الليالي، قررت مواجهته.
“آدم، أشعر أنك تخفي شيئًا. من أنت حقًا؟”
تنهد آدم ونظر إلى البحر. “نور، أريد أن أخبرك بشيء. أنا لست هنا للصدفة. كنت أبحث عنك.”
تفاجأت نور بكلامه. “تبحث عني؟ ولكن لماذا؟”
روى لها آدم أنه كان يعرف والدها، وأنه يحمل رسالة منها. أخرج كتابًا قديمًا وسلمه إليها. “هذا الكتاب يحمل أسرارًا تخص عائلتك. أردت أن أوصله إليك.”
الكتاب القديم
قضت نور الليل كله تقلب صفحات الكتاب. اكتشفت أنه يحتوي على رسائل كتبها والدها قبل وفاته. تحدث فيها عن حبه للبحر وعن أسرار تتعلق بكنز مدفون في أعماق الرمال.
“نور، هذا الكتاب ليس مجرد كلمات. إنه مفتاح لرحلة يجب أن تقومي بها.”
الرحلة إلى المجهول
قررت نور وآدم أن يخوضا معًا مغامرة البحث عن الكنز. انطلقا في صباح اليوم التالي يحملان الخريطة التي كانت مدفونة بين صفحات الكتاب. كانت الرحلة مليئة بالمخاطر، لكنهما واجهاها بشجاعة.
بعد أيام من البحث، وصلا إلى المكان الذي تشير إليه الخريطة. كان هناك صندوق خشبي صغير مدفون تحت الرمال. فتحاه ليجدا بداخله مذكرات وصور قديمة.
اللقاء الأخير
بعد العثور على الصندوق، أخبر آدم نور أنه عليه المغادرة. “لقد أتممت مهمتي. الآن حان الوقت لأرحل.”
شعرت نور بالحزن لكنها فهمت. “أشكرك على كل شيء. لن أنسى هذه الأيام أبدًا.”
ودعها آدم ورحل دون أن يترك أي أثر. بقيت نور على الشاطئ تتأمل الأمواج، وهي تحمل ذكريات هذا اللقاء الغامض.
سؤال للقارئ
ما رأيك؟ هل كان آدم شخصية حقيقية أم مجرد خيال من إبداع نور؟