اللعنة التي لا تنتهي

اللَّعْنَةُ الَّتِي لَا تَنْتَهِي

كانَتِ القَرْيَةُ الصَّغِيرَةُ تَسْتَقِرُّ فِي وَادٍ بَيْنَ جِبَالٍ شَاهِقَةٍ، تَحِيطُ بِهَا الغَابَاتُ الكَثِيفَةُ. عُرِفَتِ القَرْيَةُ بِنَقَاوَةِ طَبِيعَتِهَا، وَلَكِنَّ لِكُلِّ زَاوِيَةٍ فِيهَا قِصَّةً غَامِضَةً، وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ أَكْثَرُ غُمُوضًا مِنْ قِصَّةِ “اللَّعْنَةِ الَّتِي لَا تَنْتَهِي”.

يَحْكِي الشُّيُوخُ فِي القَرْيَةِ أَنَّ مَنْزِلًا قَدِيمًا يُسَمَّى “بَيْتُ الغُرَابِ” يُخْفِي سِرًّا قَدِيمًا. كُلُّ مَنْ دَخَلَ المَنْزِلَ إِمَّا اخْتَفَى أَوْ أَصَابَتْهُ لَعْنَةٌ غَرِيبَةٌ، تُجْبِرُهُ عَلَى مَجَارَاةِ حَيَاتِهِ فِي ظِلِّ وَهْمٍ مُرْعِبٍ، كَأَنَّ الوَقْتَ لَا يَمُرُّ.

لِقَاءُ الشَّابِّ يَاسِين

فِي لَيْلَةٍ هَادِئَةٍ، وَالنُّجُومُ تُزَيِّنُ السَّمَاءَ، كَانَ الشَّابُّ “يَاسِين” جَالِسًا أَمَامَ البُحَيْرَةِ القَرِيبَةِ، يُرَاجِعُ خُطَطَهُ لِلْمُسْتَقْبَلِ. كَانَ شَجَاعًا وَمُغَامِرًا، وَلَمْ يُصَدِّقْ قَطُّ قِصَصَ اللَّعْنَةِ.

فِي الغَدِ، أَقْنَعَ أَصْدِقَاءَهُ بِزِيَارَةِ “بَيْتِ الغُرَابِ”. كَانَ المَنْزِلُ مَهْجُورًا، بِنَاؤُهُ قَدِيمٌ وَمُغَطَّى بِالنَّبَاتَاتِ المُتَسَلِّقَةِ. عَلَى الرَّغْمِ مِنْ التَّحْذِيرَاتِ، دَخَلَ يَاسِين وَأَصْدِقَاؤُهُ، وَلَكِنْ مَا إِنْ أَغْلَقُوا البَابَ حَتَّى بَدَأَتِ الأَحْدَاثُ الغَرِيبَةُ.

سَاعَاتٌ أَمْ أَيَّامٌ؟

فِي الدَّاخِلِ، كَانَ الزَّمَنُ مَشُوَّهًا. يَشْعُرُونَ أَنَّ السَّاعَاتِ تَمُرُّ كَأَيَّامٍ، أَوْ أَنَّ الوَقْتَ يَعُودُ بِهِمْ إِلَى نُقْطَةِ البِدَايَةِ. بَدَأَ الخَوْفُ يَتَسَلَّلُ إِلَى قُلُوبِهِمْ، وَظَهَرَتْ أَشْبَاحٌ تُرَاقِبُهُمْ.

يَقُولُ يَاسِين: “هَذِهِ لَيْسَتْ لَعْنَةً، بَلْ فَخٌّ لِلْعُقُولِ. يَجِبُ أَنْ نَفْهَمَ طَبِيعَتَهُ قَبْلَ أَنْ نَحْتَجِزَ هُنَا إِلَى الأَبَدِ”.

اللُّغْزُ المُخْتَبِئُ

بَيْنَ الغُرَفِ القَدِيمَةِ، وَجَدُوا كِتَابًا مَغْلُوقًا، كَتَبَتْ عَلَيْهِ كَلِمَاتٌ بِخَطٍّ قَدِيمٍ: “افْتَحْنِي لِتُحْرَرَ الرُّوحَ وَتُغْلِقَ الدَّائِرَةَ”. بَحَثُوا عَنْ مِفْتَاحِ الكِتَابِ فِي كُلِّ زَاوِيَةٍ، وَفِي النِّهَايَةِ، وَجَدُوهُ مَخْفِيًّا فِي دَاخِلِ مِرْآةٍ مَكْسُورَةٍ.

عِنْدَمَا فَتَحُوا الكِتَابَ، تَحَرَّكَتِ الأَرْضُ، وَظَهَرَتْ رُوحٌ شَبَحِيَّةٌ شَكَرَتْهُمْ عَلَى تَحْرِيرِهَا. أَخْبَرَتْهُمْ أَنَّهَا كَانَتْ ضَحِيَّةَ سِحْرٍ شَرِيرٍ، وَأَنَّ اللَّعْنَةَ لَنْ تَزُولَ إِلَّا بِتَحْرِيرِ كُلِّ الأَرْوَاحِ المُحْتَجَزَةِ.

المَخْرَجُ وَالتَّحَدِّي

فِي اللَّحَظَاتِ الأَخِيرَةِ، قَالَتِ الرُّوحُ: “عَلَيْكُمْ أَنْ تَكُونُوا شُجْعَانًا، وَإِلَّا فَإِنَّ الدَّائِرَةَ سَتُبْقِيكُمْ إِلَى الأَبَدِ”. تَعَاوَنَ يَاسِين وَأَصْدِقَاؤُهُ، وَفِي نِهَايَةِ المَطَافِ، تَغَلَّبُوا عَلَى كُلِّ التَّحَدِّيَاتِ وَخَرَجُوا مِنَ المَنْزِلِ.

نِهَايَةُ غَامِضَةٌ

بَيْنَمَا كَانُوا يَمْشُونَ بِاتِّجَاهِ قَرْيَتِهِمْ، لَاحَظُوا أَنَّ القَرْيَةَ لَمْ تَعُدْ كَمَا كَانَتْ. كَأَنَّهُمْ فِي عَامٍ مُخْتَلِفٍ. تَرَكُوا المَنْزِلَ وَرَاءَهُمْ، وَلَكِنْ بَقِيَتِ اللَّعْنَةُ مُحِيطَةً بِهِمْ.

السُّؤَالُ لِلْقَارِئِ:

هَلْ تَظُنُّ أَنَّ اللَّعْنَةَ قَدِ انْتَهَتْ، أَمْ أَنَّهَا بَقِيَتْ

تَتْبَعُ أَثَرَ المُغَامِرِينَ؟