الكرسي الهزاز والأحداث المرعبة
عالم القصص
في أحد الأحياء القديمة، وتحديدًا في منزلٍ عتيقٍ يلفه الغموض من كل زاوية، كانت تعيش “ريم” مع جدتها العجوز. كانت ريم طالبة جامعية، وقد قررت قضاء عطلتها الصيفية في منزل الجدة الذي يقع على أطراف المدينة، هربًا من ضجيج العاصمة وضغوط الدراسة.
لم يكن المنزل كباقي البيوت التي عرفتها ريم؛ كان ضخمًا، جدرانه مغطاة بورق حائط باهت، وأثاثه من الطراز القديم. لكن أكثر ما شد انتباهها منذ اللحظة الأولى، كان كرسيًا هزازًا خشبيًا موضوعًا في زاوية غرفة المعيشة، يعلوه الغبار، وكأنه لم يُستخدم منذ عقود.
سألت ريم جدتها عن الكرسي، فأجابتها الأخيرة وهي تطرق برأسها:
– “هذا الكرسي يعود لجدك، كان يحب الجلوس عليه لساعات وهو يقرأ الجرائد… لكن منذ وفاته، لم يجرؤ أحد على الاقتراب منه.”
ضحكت ريم، وحاولت التهوين من الأمر:
– “هل تقولين إن الكرسي مسكون؟”
لم تجب الجدة، بل اكتفت بنظرة صامتة تحمل في طياتها الكثير.
الليلة الأولى
عالم القصص
مرت الليلة الأولى بسلام، حتى الساعة الثالثة فجرًا. استيقظت ريم على صوت طقطقة خفيفة، كأن شيئًا يتحرك ببطء في الطابق السفلي. نهضت بتردد، وخرجت من غرفتها. كان المنزل ساكنًا تمامًا، إلا من ذلك الصوت الذي بات أوضح… صوت تأرجح الكرسي الهزاز.
اقتربت ريم من أعلى الدرج ونظرت إلى الأسفل. لم ترَ شيئًا، لكن الصوت كان واضحًا، الكرسي يتحرك ببطء جيئة وذهابًا، رغم أن الغرفة خالية تمامًا.
عادت إلى غرفتها بسرعة، وأغلقت الباب خلفها وهي تحاول إقناع نفسها أن ما رأته لم يكن حقيقيًا، ربما كانت تحلم.
لقاء مع الماضي
عالم القصص
في صباح اليوم التالي، سألت ريم جدتها مجددًا عن الكرسي، لكنها هذه المرة لاحظت تغيرًا في نبرة الجدة، وكأنها تخفي شيئًا.
قالت الجدة بصوت خافت:
– “الكرسي يتحرك أحيانًا من تلقاء نفسه… منذ سنوات، حدثت أشياء غريبة في هذا المنزل، بدأت بعد وفاة جدك… أحيانًا نسمع أصوات همسات، وأشياء تُنقل من مكانها دون سبب.”
صمتت ريم، لكنها لم تقتنع. قررت أن توثق كل شيء. فأحضرت هاتفها، وثبتته مقابل الكرسي الهزاز لتصويره ليلًا.
التسجيل المفاجئ
عالم القصص
في اليوم التالي، عادت ريم لمشاهدة التسجيل. وفي منتصف الفيديو، عند الساعة الثالثة صباحًا تمامًا، بدأ الكرسي يتحرك ببطء، ثم فجأة… ظهر ظلٌ لرجل يجلس عليه!
كان الظل غير واضح المعالم، لكن ملامحه تشبه إلى حد كبير صورة جدها الموجودة في غرفة الطعام. قفزت ريم من مكانها، وهرعت لتُري الجدة الفيديو، لكنها رفضت مشاهدته، وطلبت منها حذفه فورًا.
– “لا تعبثي مع الماضي يا ريم… هناك أشياء لا تُفسر ولا تُفسد!”
لكن ريم لم تستسلم. شعرت أن هناك سرًا يُخفيه الجميع عنها، وسرعان ما بدأت في البحث عن سجلات قديمة تخص جدها. وبين أوراق مهترئة داخل درج مغلق، وجدت رسالة بخط يده، كُتب فيها:
“أشعر أنني لست وحدي في هذا البيت… الكرسي أصبح ملاذي، لكنه يحمل شيئًا أكثر من مجرد الخشب… هناك أصوات، هناك حضور…”
المواجهة
عالم القصص
في تلك الليلة، قررت ريم مواجهة الحقيقة. جلست أمام الكرسي مباشرة عند الساعة الثالثة فجرًا، ممسكة بمسبحة جدتها، وضوء خافت يحيط بها. دقت الساعة… وبدأ الكرسي يتحرك.
لكن هذه المرة، لم يكن وحده. ظهرت ملامح رجل مسنّ بوضوح، جلس على الكرسي، ناظرًا إلى ريم بعينين حزينتين. لم تصرخ ريم، بل سألته:
– “من أنت؟ ولماذا عدت؟”
لكن الصوت الذي سمعته لم يكن بشريًا تمامًا… كان وكأن عدة أصوات تتحدث في وقت واحد:
– “لم أرحل… لم أُنصف… الحقيقة… تحت الأرض.”
ثم اختفى كل شيء. توقف الكرسي، وعمّ الصمت. ركضت ريم نحو الجدة، وأخبرتها بكل ما حدث. أجهشت الجدة بالبكاء، واعترفت أخيرًا بسر دفنته لسنوات.
قالت وهي ترتجف:
– “جدك لم يمت ميتة طبيعية… وجدناه ميتًا على الكرسي، وعيناه مفتوحتان، كأنه رأى شيئًا أرعبه حتى الموت… الطبيب قال إنها أزمة قلبية، لكنني سمعت صراخه تلك الليلة… كنت خائفة ولم أخبر أحدًا.”
الحقيقة المدفونة
عالم القصص
بمساعدة أحد الجيران القدامى، عرفت ريم أن جدها كان يحقق في شيء غريب قبل وفاته، يخص قطعة أرض كانت مملوكة للعائلة، ويُقال إنها شهدت حادثة قتل قديمة. يُعتقد أن الأرواح التي لم تهنأ تجد طريقها إلى الأماكن التي كانت مأوى لها.
ولأن الكرسي الهزاز كان المكان الذي قضى فيه جدها لحظاته الأخيرة، أصبح نقطة الوصل بين العالمين.
قررت ريم بعد تلك الليلة ألا تقترب من الكرسي مجددًا. وقد أقنعت الجدة بالتبرع به إلى متحف للقطع النادرة، ربما هناك يُحتفظ به تحت إشراف من يفهم في الأمور الخارقة.
وغادرت ريم المنزل بعد انتهاء العطلة، لكن القصة لم تنتهِ…
ففي أحد أيام الشتاء، وبينما كانت ريم تتصفح بريدها الإلكتروني، وصلتها رسالة مجهولة، مرفق بها صورة… للرجل الذي ظهر لها على الكرسي، ولكن هذه المرة كان يجلس في غرفة أخرى، غير تلك التي تعرفها!
نهاية… أم بداية جديدة؟
عالم القصص
تركت ريم كل شيء خلفها، لكنها أدركت أن بعض القصص لا تنتهي، بل تنتقل من شخص لآخر، ومن مكان لآخر، تمامًا كما تتأرجح الكراسي الهزازة، ذهابًا وإيابًا، دون توقف.
هل تؤمن بوجود الأرواح العالقة؟ وهل سبق لك أن واجهت شيئًا مشابهًا؟ شاركنا قصتك في التعليقات!