القطة التي تقرأ الكتب

القطة التي تقرأ الكتب

في إحدى القرى الصغيرة التي تقع على أطراف الغابة، كانت تعيش عائلة صغيرة تمتلك قطة بيضاء ذات عينين خضراوين براقتين. كان اسمها “لونا”. منذ صغرها، بدت لونا مختلفة عن باقي القطط في القرية. لم تكن تهتم بمطاردة الفئران أو اللعب مع الأطفال، بل كانت تقضي معظم وقتها جالسة بجانب مكتبة صاحبها، تنظر إلى الكتب وكأنها تفهم ما بداخلها.

بداية الحكاية

كان صاحب لونا، عمرو، رجلاً شغوفًا بالقراءة. يمتلك مكتبة مليئة بالكتب في منزله، وقد كان يقضي الساعات في قراءة الروايات والقصص العلمية والفلسفية. لاحظ عمرو أن لونا تجلس دائمًا بجانبه أثناء قراءته، وتحدق في الكتاب بين يديه بعناية. كان يعتقد في البداية أنها تفعل ذلك بدافع الفضول فقط، لكنه أدرك لاحقًا أن هناك شيئًا أكثر من ذلك.

اكتشاف غير متوقع

في ليلة هادئة، وبينما كان عمرو يقرأ كتابًا عن الأساطير القديمة، غلبه النعاس وترك الكتاب مفتوحًا على الطاولة. في صباح اليوم التالي، لاحظ أن الكتاب لم يكن في نفس الصفحة التي تركه عليها. عندما نظر إلى لونا، كانت تجلس بجانب الكتاب وكأنها تحميه من أي أحد.

بدأ الشك يتسلل إلى قلب عمرو. هل يمكن أن تكون لونا قادرة على القراءة؟ قرر اختبار هذا الأمر. في اليوم التالي، وضع أمامها كتابًا صغيرًا يحتوي على صور وكلمات بسيطة، وتركها بمفردها في الغرفة. بعد ساعة، عاد ليجد الكتاب مفتوحًا على صفحة جديدة، والرسوم التي على الصفحة تحمل خدوشًا بسيطة وكأنها كانت تشير إلى اهتمام لونا بجزء معين من النص.

القطة المثقفة

مع مرور الأيام، أصبح الأمر واضحًا لعمرو: لونا ليست قطة عادية. بدأ يلاحظ أنها تفضل أنواعًا معينة من الكتب. على سبيل المثال، كانت تنجذب إلى الروايات البوليسية والأساطير الخيالية، بينما تهمل الكتب العلمية المعقدة. كان هذا الأمر يثير دهشة عمرو ويجعله أكثر شغفًا لاكتشاف سرها.

قرر أن يعلمها بشكل غير مباشر. كان يقرأ بصوت عالٍ أثناء جلوسها معه، ويلاحظ كيف تركز نظراتها على الكلمات التي يقرأها. مع مرور الوقت، لاحظ أنها أصبحت تتجاوب مع النصوص التي يقرأها. فإذا كانت القصة تتحدث عن شيء مخيف، كانت أذناها تتحركان وكأنها تشعر بالخوف.

لقاء غير متوقع

في أحد الأيام، قرر عمرو اصطحاب لونا إلى المكتبة العامة في المدينة. كانت هذه المكتبة مكانًا مليئًا بالقراء والكتب القديمة. عندما دخل عمرو ولونا المكتبة، لاحظت أمينة المكتبة أن القطة بدت مختلفة. جلست لونا على طاولة صغيرة وبدأت تحدق في كتاب مفتوح وضعه عمرو أمامها.

جذب هذا المشهد انتباه زوار المكتبة، وبدأوا يتجمعون حول لونا. كانت نظراتها مركزة جدًا، وكأنها تقرأ النصوص بتمعن. اقترحت أمينة المكتبة أن يتم إجراء اختبار بسيط للتأكد مما إذا كانت لونا تفهم فعلاً ما تقرأ.

الاختبار الكبير

أحضرت أمينة المكتبة كتابًا للأطفال يحتوي على رسومات وأسماء أشياء بسيطة مثل شجرة، قطة، وشمس. وضعوا الكتاب أمام لونا وانتظروا. لم تمضِ دقائق حتى بدأت لونا تضع مخالبها على الصور بشكل محدد ومتناسق. عندما كانت تضع مخلبها على صورة القطة، كانت ترفع رأسها وتنظر إلى عمرو وكأنها تقول “هذه أنا!”.

ذهل الجميع في المكتبة. أصبحت لونا حديث المدينة، وبدأ الناس يأتون من أماكن بعيدة لرؤيتها. لم يكن الأمر مجرد قراءة، بل كانت لونا قادرة على اختيار الكتب التي تناسب مزاجها وكأنها تفهم محتواها بشكل حقيقي.

السر الغامض

بدأ عمرو يتساءل: كيف أصبحت لونا بهذه القدرات؟ هل كانت تمتلك موهبة طبيعية أم أن هناك سرًا وراء ذلك؟ قرر العودة إلى المكان الذي وجدها فيه لأول مرة. كان عمرو قد تبنى لونا عندما كانت قطة صغيرة وجدها بالقرب من مكتبة مهجورة في أطراف القرية.

عندما عاد إلى المكتبة المهجورة، وجد شيئًا غريبًا. كان هناك كتاب قديم يحمل عنوان “القطط وعالم الحكمة”. كان الكتاب مكتوبًا بلغة قديمة، لكنه احتوى على صور ونصوص تشير إلى أن القطط كانت تُعتبر في بعض الثقافات القديمة كائنات حكيمة تمتلك قدرات خاصة.

نهاية القصة

عاد عمرو إلى المنزل ومعه الكتاب القديم. جلس مع لونا، وبدأ يقرأ لها بصوت عالٍ عن تاريخ القطط وعلاقتها بالبشر. كانت لونا تبدو مستمتعة، وكأنها أخيرًا وجدت قصتها الخاصة.

بمرور الوقت، أصبحت لونا رمزًا للمعرفة في القرية، وكانت المدارس تدعو عمرو ولونا لإلقاء قصص وحكايات للأطفال، مما ألهم العديد منهم لحب القراءة والتعلم.

سؤال للقارئ

بعد أن تعرفت على قصة لونا، برأيك، هل يمكن أن تكون الحيوانات تمتلك قدرات خفية لا ندركها؟ وإذا كنت تم

تلك حيوانًا أليفًا، كيف ستكتشف مواهبه الخفية؟