الغرفة رقم 17

الغرفة رقم 17

كانت الساعة تشير إلى الثانية بعد منتصف الليل حين وصلت “مريم” إلى الفندق الصغير في قلب المدينة. كانت متعبة ومنهكة بعد رحلة طويلة، وكل ما أرادته هو سرير دافئ لتستريح. استقبلها رجل عجوز في الاستقبال، بنظرات غريبة لم تستطع تفسيرها.

قالت له: “أحتاج غرفة لليلة واحدة فقط.”
رد العجوز بصوت متهدج: “بالتأكيد… لكن الغرف شبه ممتلئة. لم يتبق سوى الغرفة رقم 17.”

لاحظت تردده وهو يقدم المفتاح. بدا وكأنه يريد أن يحذرها من شيء، لكنه تراجع في اللحظة الأخيرة. أخذت المفتاح وصعدت إلى الطابق الثاني.

كانت الممرات مضاءة بشكل خافت، والجدران مغطاة بورق جدران باهت يحمل آثار الزمن. عندما وصلت إلى باب الغرفة رقم 17، شعرت بقشعريرة غريبة تسري في جسدها، لكنها تجاهلتها. فتحت الباب ودخلت.

كانت الغرفة عادية جدًا: سرير صغير، طاولة جانبية، ومصباح قديم. الشيء الوحيد اللافت للنظر هو مرآة كبيرة على الحائط المقابل للسرير.

بعد أن غسلت وجهها واستعدت للنوم، جلست على السرير تتفقد هاتفها. فجأة، شعرت وكأن الهواء في الغرفة أصبح ثقيلاً، وبدأت تسمع همسات خافتة. التفتت نحو المرآة، لكنها لم ترَ شيئًا غريبًا… على الأقل في البداية.

بينما كانت تستعد لإطفاء المصباح، لاحظت حركة في المرآة. لم يكن انعكاسها هو الذي يتحرك، بل ظل غريب يقف خلفها. تجمدت في مكانها، ثم التفتت بسرعة، لكنها لم ترَ أحدًا.

عاد قلبها ينبض بسرعة. حاولت إقناع نفسها بأنه مجرد وهم بسبب الإرهاق. لكنها عندما نظرت إلى المرآة مرة أخرى، رأت الظل يتحرك، هذه المرة أقرب إليها. كان كيانًا أسود بلا ملامح واضحة، لكنه يملك عينين حمراء متوهجة.

صرخت مريم واندفعت نحو الباب لتخرج من الغرفة، لكن الباب كان مغلقًا بإحكام، والمفتاح لم يكن في القفل. عندما نظرت مرة أخرى إلى المرآة، رأت نفسها، لكن النسخة التي في المرآة كانت تبتسم ابتسامة شريرة، وبدأت تتحرك نحوها.

صرخت مريم وبدأت تضرب على الباب، تستنجد بأي شخص يمكن أن يسمعها. فجأة، شعرت بيد باردة تمسك بكتفها. استدارت ببطء، لتجد الكيان الأسود يقف أمامها مباشرة. لم تستطع حتى الصراخ؛ كانت الرهبة قد شلت حركتها.

بدأ الكيان يقترب أكثر، وسمعت همسات غير مفهومة تتردد في أذنها. ثم شعرت وكأن روحها تُسحب من جسدها. في تلك اللحظة، فقدت وعيها.

---

في صباح اليوم التالي، جاء عامل التنظيفات ليتفقد الغرف. عندما فتح باب الغرفة رقم 17، وجدها فارغة تمامًا. لا أثر لمريم، لكن المرآة كانت مغطاة بطبقة من الضباب الأسود، وعليها آثار يدين وكأن أحدًا كان يحاول الخروج منها.

عندما سأل عامل التنظيفات الرجل العجوز عن الغرفة، اكتفى الأخير بالقول:
“الغرفة رقم 17؟ إنها لعينة. كل من يدخلها… يختفي.”

---