الطريق المهجور

الطريق المهجور: سر الظلام الغامض

في زاوية بعيدة من البلدة، كان هناك طريق مهجور تتجنبه الأقدام والأنظار. اسم هذا الطريق أثار خوف الجميع: “طريق العتمة”. كان الطريق مهجورًا منذ عقود، وظلت حكاياته تنتقل من جيل إلى آخر، تغلفه الأساطير والأسرار.

البداية

قبل خمسين عامًا، كان “طريق العتمة” مجرد ممر عادي يعبر بين غابة كثيفة وقمم جبال صخرية. كان التجار يسلكونه لنقل بضائعهم بين القرى المجاورة، وكان الأطفال يلهون فيه عندما يعودون من المدارس. لكن في يوم ماطر، حدث شيء غريب غيّر مصير هذا الطريق للأبد.

تقول الحكايات إنه في تلك الليلة، سُمعت صرخات قادمة من أعماق الغابة. اختفى قافلة من التجار بلا أثر، ولم يُعثر على جثثهم أو حتى عرباتهم. بعد تلك الليلة، بدأ الناس يشعرون بشيء غير طبيعي عندما يقتربون من الطريق. الأشجار على جانبيه بدت وكأنها تنحني نحو الداخل، كأنها تحاول إخفاء ما يحدث داخله.

الطريق اليوم

اليوم، الطريق مغطى بالأعشاب والنباتات المتسلقة التي تخفي جزءًا كبيرًا من الأرضية. تبدو الأشجار على جانبيه أطول وأكثر كثافة، مما يجعل الطريق مظلمًا حتى في وضح النهار. لا أحد يجرؤ على الاقتراب منه، باستثناء المغامرين الذين يسمعون عن الحكايات ويقررون التحقق من حقيقتها.

لكن ما يجعل الطريق أكثر رعبًا هو الأصوات الغامضة التي تُسمع في الليل. من حين لآخر، يتحدث سكان القرى المجاورة عن همسات غامضة، خطوات غير مرئية، أو حتى ضحكات باهتة تتردد بين الأشجار. هذه الأصوات دفعت العديد إلى الاعتقاد أن الطريق مسكون بأرواح التجار المفقودين أو بكائنات غريبة تسكن الغابة.

المغامرة

في إحدى الليالي الباردة، قرر شاب يدعى “عمر” كشف الحقيقة عن الطريق المهجور. كان عمر مغامرًا لا يخشى شيئًا، ومصورًا محترفًا يسعى دائمًا لتوثيق الأماكن الغامضة. حمل معه كاميرته، وحقيبة صغيرة تحتوي على مصباح يدوي وبوصلة وبعض الطعام. وقف عند مدخل الطريق وهو يشعر بقشعريرة تسري في جسده.

بينما كان يسير، لاحظ أن الجو أصبح أكثر برودة بشكل غريب. كانت الأشجار تبدو وكأنها تتحرك، رغم أن الرياح كانت هادئة. أضاء المصباح يدويًا وبدأ في التقاط الصور، لكن الكاميرا توقفت فجأة عن العمل. حاول إصلاحها دون جدوى، لكنه قرر الاستمرار.

الاكتشاف

بعد ساعات من السير، وصل عمر إلى مكان مفتوح داخل الغابة. وجد بقايا عربة خشبية محطمة، وعلامات قديمة على الأرض تدل على صراع. شعر بقلبه يخفق بسرعة، لكنه تمسك بشجاعته. وبينما كان يقترب لفحص العربة، سمع صوت خطوات خلفه.

استدار بسرعة ليجد رجلاً عجوزًا يرتدي ملابس ممزقة ووجهه مغطى بالتراب. قال الرجل بصوت خافت: “ما الذي أتى بك إلى هنا؟”. حاول عمر الرد، لكن الكلمات خانته. تابع الرجل: “هذا الطريق ليس لك. إنه طريق الظلام، وكل من يعبره لا يعود”.

الهروب

لم ينتظر عمر سماع المزيد. ركض بكل ما أوتي من قوة، عائدًا إلى المدخل. كان يشعر بشيء يطارده، لكنه لم يجرؤ على النظر خلفه. عندما وصل إلى النهاية، استدار للمرة الأخيرة. لم يكن هناك أحد. فقط الظلام والسكون.

عاد عمر إلى البلدة، لكنه لم يكن نفس الشخص. قرر ألا يتحدث عن تجربته، لكن الصور التي التقطها عادت للعمل بشكل غامض. أظهرت الصور ظلالًا غريبة وشخصيات باهتة تقف بين الأشجار.

النهاية

ظل “طريق العتمة” مهجورًا، وظلت الأساطير تدور حوله. لكن عمر عرف الحقيقة: هذا الطريق يحمل أسرارًا لا يجب الكشف عنها. وبينما جلس في منزله يتأمل صوره، عرف أن الطريق لم يتركه بسلام، وأن مغامرته لم تنتهِ بعد.

رسالة ختامية: يبقى “الطريق المهجور” قصة حية عن الغموض والخوف. إنه رمز للفضول البشري الذي يدفعنا لاكتشاف ما وراء المجهول. إذا كنت تفكر في زيارته، فكر م

رتين. ربما تجد نفسك جزءًا من أسطورته.