الساعة المعطلة

الساعة المعطّلة

في إحدى القرى الهادئة التي تحيطها الأشجار الكثيفة والحقول الخضراء، كان يعيش رجل بسيط يدعى “عمر”. كان عمر يعمل نجارًا ماهرًا، معروفًا بين سكان القرية بقدرته على إصلاح أي شيء تقريبًا. ومع ذلك، كان هناك شيء واحد لم يتمكن من إصلاحه طوال حياته: ساعة قديمة تعود إلى جده.

الساعة الغامضة

كانت الساعة معطّلة منذ سنوات طويلة، لكنها كانت تحمل قيمة معنوية كبيرة لعمر. لم تكن مجرد قطعة أثاث قديمة، بل كانت إرثًا عائليًا يحمل في داخله ذكريات وأسرارًا. الساعة مصنوعة من خشب الجوز الفاخر، وفي منتصفها عقارب نحاسية تلمع تحت ضوء الشمس. على الرغم من جمالها، توقفت عن العمل منذ أكثر من عشرين عامًا.

حاول عمر مرات عديدة إصلاحها، لكنه كان يفشل دائمًا. كانت العقارب تتحرك لبضع دقائق ثم تتوقف فجأة، وكأنها تتحدى مهارته. شعر عمر بأن الساعة تخفي سرًا كبيرًا، لكنه لم يستطع اكتشافه.

اكتشاف قديم

في أحد الأيام، وبينما كان عمر ينظف ورشته الصغيرة، سقطت الساعة القديمة من رف مرتفع وانفتح ظهرها بشكل مفاجئ. لاحظ عمر شيئًا غريبًا: كان هناك نقش صغير مخفي داخلها، بالكاد يمكن قراءته. اقترب من الضوء ليكتشف الكلمات المكتوبة:

“حين يتوقف الوقت، انظر إلى الداخل.”

شعر عمر بالدهشة والفضول. ماذا تعني هذه العبارة؟ قرر التعمق في الأمر ومعرفة السر الذي تخفيه هذه الساعة.

رحلة البحث

بدأ عمر يبحث في كتب قديمة عن أي إشارة إلى هذا النوع من الساعات. زار مكتبة القرية، وسأل الحكماء وكبار السن، لكنه لم يجد إجابة شافية. كانت العبارة محيرة، لكنها أثارت بداخله تصميمًا على حل اللغز.

أثناء بحثه، التقى بسيدة عجوز تدعى “خديجة”، كانت معروفة بمعرفتها الواسعة بالتاريخ والأساطير. عندما أخبرها عمر عن الساعة والعبارة المكتوبة داخلها، قالت:

“هذه الساعة ليست عادية. هناك أسطورة قديمة تقول إن بعض الساعات تُصنع لحماية أسرار عائلية أو كنوز دفينة. العبارة قد تكون دليلًا على شيء مخفي بداخلها.”

الاكتشاف المذهل

عاد عمر إلى ورشته وأخذ يفحص الساعة بعناية. بعد ساعات طويلة من العمل، وجد فجوة صغيرة داخل الساعة تحتوي على مفتاح قديم. كان المفتاح يبدو غريبًا ومميزًا، وكأنه صُنع لفتح شيء محدد.

بدأ عمر يتساءل: إلى ماذا يمكن أن يؤدي هذا المفتاح؟

البحث عن القفل

بدأ عمر يبحث في المنزل وفي ممتلكات جده القديمة عن أي صندوق أو قفل قد يناسب هذا المفتاح. بعد أيام من البحث، وجد صندوقًا خشبيًا قديمًا في قبو المنزل. كان الصندوق مغلقًا بإحكام، والمفتاح يناسب القفل تمامًا.

عندما فتح عمر الصندوق، وجد داخله رسائل قديمة وصورًا عائلية، بالإضافة إلى خريطة مرسومة بخط اليد. كانت الخريطة تشير إلى مكان في الغابة القريبة من القرية.

مغامرة في الغابة

حمل عمر الخريطة وتوجه إلى الغابة. كان المكان الذي تشير إليه الخريطة عبارة عن شجرة ضخمة، جذورها تمتد في كل اتجاه. بدأ عمر يحفر تحت الشجرة، ليجد صندوقًا معدنيًا صغيرًا.

عندما فتح الصندوق، وجد داخله عملات ذهبية ورسالة من جده تقول:

“يا بني، هذه الساعة ليست مجرد آلة لمعرفة الوقت. إنها تذكير بأن الوقت أثمن من المال. استخدم هذا الكنز بحكمة، وتذكر أن عائلتنا تعتمد على الأمانة والاجتهاد.”

الحكمة المستفادة

عاد عمر إلى منزله حاملًا الصندوق، لكنه قرر عدم إنفاق الكنز. بدلاً من ذلك، استخدمه لتحسين ورشته ومساعدة سكان القرية. أصبحت ورشته مركزًا للحرفيين، وبدأ عمر يدرب الشباب على الحرف اليدوية، مؤمنًا بأن الوقت والعمل الجاد هما الكنز الحقيقي.

النهاية

هكذا، تحولت الساعة المعطّلة من قطعة خشب عادية إلى مصدر إلهام غيّر حياة عمر وسكان قريته. وظلت العبارة المكتوبة داخلها درسًا يذكر الجميع بأهمية استغلال الوقت بحكمة، لأن الوقت هو الكنز الحقيقي الذي لا يُعوّض.