السائق الغامض

السائق الغامض: رحلة عبر المجهول

 

في إحدى الليالي المظلمة، وبينما كانت الرياح تعصف بشدة في الطرق الجبلية المهجورة، توقفت سيارة صغيرة على جانب الطريق. كان “عادل”، شاب في الثلاثينات من عمره، يحاول إصلاح إطار سيارته المثقوب. الظلام حالك، والهواء البارد يتسلل إلى عظامه، بينما يحاول بشدة العثور على أدواته في صندوق السيارة.

 

فجأة، ظهرت أضواء سيارة كبيرة تقترب ببطء. كان الصوت القادم من محركها غريبًا ومخيفًا. توقفت السيارة بجانبه، وخرج منها رجل طويل يرتدي معطفًا أسود وقبعة تخفي ملامح وجهه. صوته كان هادئًا ولكنه يحمل نبرة غامضة:

“هل تحتاج إلى مساعدة؟”

 

تردد عادل في البداية، لكنه كان يعلم أن البقاء في هذا المكان لن يكون آمنًا، خاصة مع عدم وجود إشارة للهاتف المحمول. قال بحذر:

“نعم، إطار سيارتي مثقوب ولا أستطيع تغييره.”

 

ابتسم الرجل الغامض بطريقة أثارت شعورًا غريبًا في قلب عادل. ثم بدأ بمساعدته، وأظهر مهارة مدهشة في إصلاح الإطار بسرعة وكفاءة. بعدما انتهى، قال بصوت عميق:

“الطريق أمامك خطر. كن حذرًا، ولا تتوقف لأي سبب كان.”

 

 

—

 

ركب عادل سيارته واستأنف رحلته. لكنه لم يستطع التخلص من شعور غريب تجاه ذلك الرجل. بدا وكأن حضوره يحمل سرًا، وأضواء سيارته التي اختفت في لمح البصر زادت من هذا الشعور الغامض.

 

بعد مرور بعض الوقت، بدأت الأحداث الغريبة تتوالى. لاحظ عادل أن الطريق أصبح أكثر وعورة وأن الضباب الكثيف يحيط بكل شيء حوله. فجأة، رأى ظلًا يتحرك على جانب الطريق. كان يبدو وكأنه شخص يلوح بيده طلبًا للمساعدة.

 

تذكر كلمات السائق الغامض: “لا تتوقف لأي سبب كان.”

لكن إحساسه الإنساني دفعه للتوقف. عندما فتح النافذة ليسأل الشخص عن حاله، اكتشف أنه مجرد شجرة متحركة بفعل الرياح. ضحك على نفسه، وأكمل طريقه.

 

 

—

 

بينما كان يقود بحذر في الظلام، سمع صوتًا غريبًا من داخل السيارة. توقف مرة أخرى، ولكنه لم يجد شيئًا. بدأ الخوف يتسلل إلى قلبه. أخرج هاتفه محاولًا البحث عن اتجاهات، لكن الإشارة كانت معدومة تمامًا.

 

وفي تلك اللحظة، ظهرت الأضواء الغامضة مرة أخرى خلفه. إنها نفس السيارة التي ساعدته سابقًا. هذه المرة، لم يتوقف السائق الغامض بجانبه بل تجاوزه بسرعة كبيرة، واختفى في الظلام.

 

شعر عادل بالحيرة والرهبة. قرر أن يسرع ليلحق بالسيارة، لكن مهما زاد من سرعته، بقيت الأضواء دائمًا بعيدة المنال.

 

 

—

 

مع مرور الوقت، وجد عادل نفسه في قرية صغيرة لم تكن على الخريطة. كانت المنازل قديمة، والشوارع مهجورة تمامًا. توقف أمام مبنى يبدو وكأنه مقهى. دخل بحذر، ووجد رجلًا مسنًا يجلس خلف المنضدة.

“مرحبًا، كيف وصلت إلى هنا؟” سأل الرجل المسن بصوت مبحوح.

 

أجاب عادل:

“كنت أسافر عبر الطريق الجبلي، ووجدت نفسي هنا بعد أن تبعت سيارة غريبة.”

 

تجهم وجه الرجل المسن وقال:

“السيارة الغريبة؟ هل رأيت السائق؟”

 

عندما وصف عادل الرجل الغامض، تغيرت ملامح الرجل المسن بشكل واضح. وقال بصوت منخفض:

“هذا السائق ليس عاديًا. الجميع هنا يعرف قصته. يقولون إنه كان شخصًا عاديًا مثلك، لكنه اختفى في هذه الطرق منذ سنوات. البعض يقول إنه يساعد الناس الذين يضلون الطريق، والبعض الآخر يعتقد أنه يحذرهم من خطر قادم.”

 

 

—

 

شعر عادل بقشعريرة تسري في جسده. حاول أن يسأل المزيد عن القصة، لكن الرجل المسن اكتفى بالصمت. قرر العودة إلى سيارته واستكمال طريقه.

 

عندما بدأ القيادة مجددًا، أدرك أن الأضواء الغامضة ظهرت مرة أخرى، لكن هذه المرة، كان يبدو وكأن السائق الغامض يشير له بالاتجاه الصحيح. تبعه عادل بحذر، حتى وصل إلى طريق معبّد وآمن. قبل أن يتمكن من شكره، اختفت السيارة تمامًا.

 

 

—

 

عندما عاد عادل إلى منزله بأمان، قرر البحث عن قصص مشابهة عبر الإنترنت. اكتشف أن هناك العديد من الأشخاص الذين ادعوا أنهم التقوا بالسائق الغامض. لكن قصصهم جميعًا كانت تحمل رسالة واحدة:

“السائق الغامض يظهر فقط لمن يحتاجون إلى التوجيه، لكنه يختفي دائمًا قبل أن تُكشف هويته.”

 

 

—

 

السؤال للقارئ:

إذا كن

ت في مكان عادل، هل كنت ستتبع السائق الغامض أم ستكمل رحلتك وحدك؟