الرحلة المحرمة

الرحلة المحرمة

في أعماق صحراء نائية، حيث الرمال الذهبية تمتد بلا نهاية، كانت هناك أسطورة تُروى بين سكان القرى القريبة عن مكان غامض يُدعى “الواحة المحرمة”. قيل إن هذه الواحة تخبئ كنوزًا لا تُقدر بثمن، لكنها ملعونة ولا يعود أحد ممن يحاول الوصول إليها. مع مرور الزمن، أصبحت القصة خرافة تُتداول على ألسنة الناس، ولكنها أثارت فضول مغامر شاب يُدعى كريم.

كريم، الذي كان شغوفًا بالاستكشاف وجمع الكنوز، سمع القصة لأول مرة من أحد شيوخ القرية بينما كان يتناول الشاي في سوق المدينة. تحدث الشيخ بصوت منخفض وحذر، مشيرًا إلى أن الواحة تقع في عمق الصحراء، خلف سلسلة من الكثبان الرملية المعروفة باسم “قبور الرياح”. قيل إن الكثبان تشهد عواصف رملية لا ترحم، وأن من يجرؤ على عبورها لا يعود أبدًا.

القرار الخطير

على الرغم من التحذيرات، قرر كريم البحث عن الواحة. جهز نفسه بخريطة قديمة، يُقال إنها تعود لأحد الرحالة الذين حاولوا الوصول إلى الواحة قبل قرن. جمع أدواته: بوصلة، ماء يكفي لأسبوع، ومعدات للنجاة. لم يكن يعرف أن هذه الرحلة ستغير حياته إلى الأبد.

بداية الرحلة

انطلق كريم عند شروق الشمس، تاركًا وراءه قريته الصغيرة. في البداية، كانت الرحلة سهلة نسبيًا. الرمال ناعمة، والسماء صافية. لكنه كان يعلم أن التحدي الحقيقي يبدأ عند اقترابه من “قبور الرياح”. في اليوم الثالث، بدأت الرياح تشتد، وأصبح التقدم أكثر صعوبة.

بينما كان يشق طريقه، وجد كريم آثار أقدام قديمة متجمدة في الرمال، مما أكد له أنه يسير في الاتجاه الصحيح. ومع ذلك، شعر بشيء غريب، وكأن أحدًا يراقبه.

الاكتشاف الأول

في اليوم الخامس، وصل كريم إلى منطقة مليئة بالصخور السوداء، حيث وجد نقشًا قديمًا على أحد الأحجار. كانت الرموز غامضة، لكنها أشارت إلى أن الواحة قريبة. بجانب النقش، وجد تمثالًا صغيرًا من الذهب، مما زاد من حماسته.

لكن فجأة، سمع صوتًا غريبًا، أشبه بالهمس. التفت حوله لكنه لم يجد أحدًا. قرر كريم التقدم، رغم الشعور المتزايد بالخوف.

المواجهة مع المجهول

عندما دخل كريم منطقة الكثبان الهائلة، هبت عاصفة رملية شديدة. اختبأ خلف صخرة كبيرة، محاولًا حماية نفسه. خلال العاصفة، رأى ظلالًا تتحرك بسرعة، وكأنها أشخاص أو كائنات غامضة. بعد انتهاء العاصفة، وجد نفسه في منطقة مختلفة تمامًا.

أمام عينيه، ظهرت الواحة المحرمة. كانت أكثر جمالًا مما تخيله: أشجار نخيل باسقة، ماء صافٍ كالكريستال، وأرض مزينة بالزهور النادرة. لكنه شعر بشيء غير طبيعي، وكأن الهواء مشبع بالسحر.

الكنز الملعون

عندما اقترب كريم من الواحة، وجد صندوقًا كبيرًا مزينًا بالأحجار الكريمة. فتح الصندوق ببطء، ليجد داخله مجوهرات قديمة وقطعًا ذهبية. لكن فجأة، بدأ كل شيء من حوله يتغير. الأشجار ذبلت، والماء تحول إلى لون دموي.

سمع صوتًا عميقًا يقول: “لقد تجاوزت حدودك، وستدفع الثمن.” حاول كريم الهرب، لكنه وجد نفسه محاصرًا داخل دوامة من الرمال المتحركة. أدرك حينها أن الكنز كان فخًا، وأن الواحة لم تكن سوى لعنة مغرية.

النهاية الغامضة

في اليوم التالي، استيقظ سكان القرى القريبة ليجدوا عاصفة رملية ضخمة تغطي الأفق. وبعد أن هدأت العاصفة، لم يجد أحد أي أثر لكريم أو الواحة.

تحولت قصة كريم إلى تحذير جديد يُضاف إلى الأساطير القديمة. وبينما استمر الناس في تناقل القصة، بقيت الحقيقة مجهولة: هل كان كريم ضحية للواحة، أم أنه وجد طريقة للهروب وحمل معه جزءًا من الكنز؟

خاتمة

تظل “الرحلة المحرمة” أسطورة تحذر المغامرين من الطمع وتذكرهم بأن بعض الأماكن يجب أن تظل غير مكتشفة. وبينما يروي القرويون القصة، تبقى الرمال شاهدة على كل من تجرأ وخاض المغامرة، ولم يعد