الجمل الذي بحث عن الماء

الجمل الذي بحث عن الماء

في يومٍ من أيام الصيف الحارة، كانت الشمس تسطع بحرارة لا تُطاق، والرمال تمتد كالبحر في صحراءٍ لا نهاية لها. كانت هناك قافلة تتألف من جِمالٍ كثيرة تسير على مهل. وسط هذه القافلة، كان هناك جمل صغير يُدعى “سند”. كان سند مختلفًا عن بقية الجِمال؛ فقد كان فضوليًا ومفعمًا بالحيوية، ويمتلك شغفًا لاستكشاف العالم من حوله.

كان سند دائمًا يستمع إلى القصص التي ترويها الجِمال الأكبر سنًا عن الواحات المخفية في قلب الصحراء، وعن المياه العذبة التي تُروى منها الحكايات كأنها من الأساطير. كان يشعر بالدهشة والانبهار، ولكنه أيضًا كان يطرح السؤال دائمًا: “لماذا لا نذهب لنجد هذه الواحات؟”.

البداية: عطشٌ لا يُحتمل

في أحد الأيام، أثناء سير القافلة، شعرت الجِمال بالعطش الشديد. كانت القافلة قد استهلكت كل المياه التي تحملها، وأصبح الوصول إلى واحةٍ جديدة أمرًا ضروريًا. هنا قرر سند أن يتخذ خطوة جريئة؛ فقد كان يؤمن أن هناك واحة قريبة يمكنه العثور عليها إذا انطلق بنفسه للبحث عنها.

حاول الجمل الصغير إقناع قائد القافلة بتركه يبحث عن الماء، لكن القائد رفض وقال له: “الصحراء غادرة، وأنت صغير على مواجهة مخاطرها وحدك”. لكن سند لم يستطع كبح شغفه، فقرر أن ينطلق سرًا أثناء الليل.

المغامرة في قلب الصحراء

حينما غطَّ الجميع في النوم، بدأ سند رحلته. كان الليل باردًا والنجوم تلمع كأنها دليلٌ له. سار لساعات طويلة، وكانت الرمال تُصدر صوتًا خفيفًا تحت أقدامه.

مع بداية الفجر، شعر سند بالتعب، لكنه لم يفقد الأمل. رأى في الأفق شيئًا لامعًا يشبه الماء. أسرع نحوه بكل قوته، لكنه اكتشف أنها مجرد سراب. رغم ذلك، لم يُحبط سند، بل قال لنفسه: “حتى لو كان سرابًا، فهو علامة أنني على الطريق الصحيح”.

لقاء مع صديق غير متوقع

بينما كان يواصل السير، قابل سند ثعلبًا صغيرًا يُدعى “رمال”. كان الثعلب يبدو ضائعًا ويبحث عن شيءٍ ما. سأله سند: “ما الذي تفعله هنا وحدك؟” فأجاب الثعلب: “أنا أبحث عن ظلٍ أو ماء، لكنني لم أجد شيئًا”.

اتفق الاثنان على التعاون، فالرمال قاسية والوحدة أصعب. أصبح رمال دليلاً لسند، يساعده على اختيار الطرق الأكثر أمانًا، بينما كان سند يُبقي الثعلب في مأمن من الحيوانات المفترسة بفضل حجمه الكبير.

لحظة الاكتشاف

بعد أيام من البحث والمشقة، لاحظ الثعلب أن هناك نباتات خضراء تظهر من بعيد. قال لرمال: “النباتات تعني الماء، فلنقترب بحذر”. سار الاثنان نحو المنطقة الخضراء، وكانا على وشك فقدان الأمل بسبب التعب.

وأخيرًا، وصلا إلى واحة صغيرة، كانت مختبئة بين الكثبان الرملية. كانت المياه صافية وبرّاقة، تحيط بها أشجار النخيل، وكأنها قطعة من الجنة وسط الجحيم الرملي.

شعر سند بالسعادة العارمة، وشرب من الماء حتى ارتوى. نظر إلى الثعلب وقال: “لقد فعلناها معًا”.

العودة بالقصة

قرر سند أن يعود إلى القافلة ليخبرهم عن الواحة. عاد بخطوات مليئة بالفخر، وفي طريق العودة، حكى لسائر الجِمال عن مغامرته وكيف استطاع العثور على الماء بمساعدة صديقه الثعلب.

تعلمت القافلة درسًا مهمًا من سند: “الشجاعة والإصرار يمكنهما تغيير المستحيل إلى ممكن، لكن التعاون يُسرع النجاح”.

النهاية وسؤال للقارئ

عاد سند إلى الواحة برفقة القافلة، واستمتع الجميع بالماء العذب والظل. ومنذ ذلك اليوم، أصبح سند بطل القافلة، والجمل الذي لم يرضَ بالانتظار ليصنع التغيير.

والآن، هل تعتقد أنك تمتلك الشجاعة

لاتخاذ خطوة نحو حلمك، مهما بدا مستحيلاً؟