البحر الغاضب

البحر الغاضب: قصة الصراع بين الطبيعة والإنسان

في يوم من الأيام، في قرية صغيرة على ساحل البحر الأحمر، كان الناس يعيشون حياة بسيطة تعتمد على صيد الأسماك والزراعة. كان البحر هو مصدر رزقهم وأملهم، ولكنه كان أيضًا سرًّا مخيفًا يحمل بين أمواجه حكاياتٍ عن قوة الطبيعة التي لا يمكن ترويضها.

كانت القرية تُعرف باسم “الهدوء الأزرق”، ولكن هذا الاسم لم يكن يعكس حقيقة البحر دائمًا. ففي بعض الأحيان، كان البحر يتحوّل إلى وحش غاضب، يلتهم القوارب ويهدد حياة الصيادين.

بداية القصة

ذات ليلة شتوية، اجتمعت العائلة حول الموقد في منزل العم حسن، شيخ القرية وأقدم صياديها. تحدث العم حسن عن قصة البحر الغاضب، قائلاً:

“البحر ليس مجرد ماء وملح. إنه كائن حي، يشعر، يغضب، ويهدأ. في الماضي البعيد، أغضب أسلافنا البحر عندما تجرؤوا على إلقاء نفاياتهم فيه. ومنذ ذلك الحين، يثور بين الحين والآخر ليذكرنا بقوته”.

كان الحاضرون يستمعون بتركيز، خاصةً الشاب علي، الذي كان يطمح لأن يصبح أفضل صياد في القرية. لكنه لم يكن يؤمن بالخرافات.

تحدي البحر

في صباح اليوم التالي، قرر علي الخروج للصيد بمفرده، رغم تحذيرات والده. قال له والده بحزم:

“البحر اليوم يبدو غريبًا. انظر إلى السماء الرمادية والرياح القوية. لا تخرج!”

لكن علي أصر، معتمدًا على قوته وشجاعته.

أخذ قاربه وانطلق. مع بداية رحلته، كان كل شيء يبدو طبيعيًا، لكن سرعان ما بدأت الأمواج ترتفع والرياح تشتد. حاول علي العودة، ولكن البحر كان قد بدأ يُظهر غضبه.

لقاء البحر الغاضب

وسط الأمواج العاتية، شعر علي بالخوف لأول مرة. بدأ يصرخ:

“أرجوك أيها البحر، اهدأ! أنا لم أكن أعلم أنك غاضب!”

وفجأة، شعر وكأن البحر استجاب. هدأت الأمواج قليلاً، لكنه سمع صوتًا عميقًا وكأن البحر يتحدث إليه:

“لماذا تجرؤون على التحدي دون احترام؟ لماذا تظنون أنكم أقوى مني؟”

تجمد علي في مكانه، وأدرك أن ما يمر به ليس مجرد عاصفة عادية. بدأ يتوسل للبحر أن يتركه حيًا، واعدًا بأن ينقل رسالته للقرية.

العودة إلى البر

بعد ساعات طويلة من الصراع، هدأ البحر أخيرًا. دفع الأمواج بقوة نحو الساحل ليعيد علي إلى قريته. عندما وصل، كان الجميع في انتظاره، قلقين عليه.

روى علي ما حدث لهم، وكيف أن البحر تحدث إليه وحذره. قال العم حسن:

“هذا درس لنا جميعًا. علينا أن نحترم البحر ونحافظ عليه. إنه ليس عدونا، لكنه يذكرنا بقوته عندما نخطئ في حقه”.

رسالة البحر

منذ ذلك اليوم، تغيرت عادات القرية. بدأ الناس بتنظيف الشواطئ والحفاظ على البحر من التلوث. أصبحوا أكثر احترامًا للطبيعة، مدركين أن التعايش معها يتطلب التقدير والمسؤولية.

خاتمة

أصبح علي رمزًا للحكمة في القرية، يُذكِّر الجميع بقصة البحر الغاضب. أما البحر، فقد عاد إلى هدوئه، لكنه ظل يحمل في أعماقه رسالة واضحة:

“احترم الطبيعة، وستمنحك السلام. تحدَّها، وستريك غضبها”.

هذه القصة ليست مجرد حكاية عن البحر، بل درس عن أهمية الحفاظ على البيئة والتوازن بين الإنسان والطبيعة. تُذكرن

ا بأن الغضب ليس في الطبيعة، بل في أخطائنا نحن.