من وراء الأفق
على حافة قرية صغيرة تحيط بها الغابات الكثيفة من جميع الجهات، عاش شاب يُدعى “سليم”. كان سليم يتميز بشغفه الكبير بالاستكشاف وحبه للمعرفة. منذ صغره، كان يقضي ساعات طويلة وهو يتأمل الأفق من نافذة غرفته، متسائلًا عمّا يوجد وراء تلك الحدود البعيدة.
في أحد الأيام، وبينما كان سليم جالسًا على ضفة النهر، جاء إليه رجل عجوز يحمل حقيبة صغيرة. كان الرجل يرتدي عباءة بالية وملامحه تدل على أنه قد مرَّ بمغامرات لا حصر لها. جلس العجوز بجانب سليم وبدأ يتحدث معه عن رحلاته الطويلة وعن الأماكن البعيدة التي زارها. ثم أخرج من حقيبته خريطة قديمة وقال له: “هذه الخريطة تقود إلى مكان خلف الأفق، مكان مليء بالكنوز والمغامرات، ولكن الوصول إليه ليس بالأمر السهل.”
نظر سليم إلى الخريطة بفضول متقد. كانت الخريطة مليئة بالرموز الغامضة والتعليقات التي كُتبت بلغة لم يعرفها. وافق على الفور على أخذ التحدي وقرر أن ينطلق في رحلته في صباح اليوم التالي.
في اليوم التالي، بدأ سليم رحلته متجهًا نحو الأفق. أخذ معه خريطته وبعض الزاد والماء، وترك رسالة لوالديه يخبرهم فيها أنه سيعود قريبًا. مرَّت الأيام وسليم يعبر الغابات والأنهار والجبال. في كل محطة كان يواجه تحديات جديدة: حيوانات برية، أمطار غزيرة، وصخور وعرة. ولكن إصراره وشجاعته كانا يدفعانه إلى الأمام.
بعد أسابيع من السفر، وصل سليم إلى وادٍ عميق. كان الوادي محاطًا بجدران صخرية عالية، وفي وسطه كان هناك كهف كبير. أدرك سليم أن هذا الكهف هو المفتاح للوصول إلى المكان الذي تشير إليه الخريطة. دخل الكهف بحذر ووجد بداخله مجموعة من الفخاخ المعقدة. استخدم ذكاءه ومهاراته لتجاوز هذه الفخاخ، وفي النهاية وصل إلى قاعة واسعة مليئة بالكنوز: ذهب، جواهر، وكتب قديمة.
ولكن سليم لم يكن مهتمًا بالكنوز المادية فقط. بين الكنز وجد كتابًا غريبًا مكتوبًا باللغة التي رأى رموزها على الخريطة. أخذ الكتاب وقرر العودة إلى قريته لفهم معانيه.
عندما عاد سليم إلى قريته، كان الجميع في انتظاره. حكى لهم عن مغامرته وعن الكنز الذي وجده. لكنه كان أكثر حماسًا لفهم محتوى الكتاب. بدأ بدراسة الرموز واستعان بعالم لغويات محلي لترجمتها. بعد أشهر من العمل الشاق، اكتشف أن الكتاب يحتوي على أسرار عن العلوم والفلك والجغرافيا، أسرار قد تُحدث تغييرًا كبيرًا في حياة قريته.
قرر سليم مشاركة هذه المعرفة مع أهل قريته. بنى مدرسة صغيرة حيث بدأ يُعلم الأطفال والشباب ما تعلمه من الكتاب. أصبحت القرية مركزًا للعلم والمعرفة، وبدأ الناس يأتون من القرى المجاورة لتعلم العلوم الجديدة.
بعد سنوات، جلس سليم مرة أخرى على ضفة النهر، ينظر إلى الأفق. لكنه هذه المرة لم يكن يتساءل عمّا يوجد خلفه، بل كان يفكر في الأماكن الأخرى التي يمكن أن يستكشفها. أدرك أن الأفق ليس نهاية الطريق، بل بداية لرحلات جديدة.
ماذا عنك؟ هل فكرت يومًا في ما يوجد وراء الأفق في حياتك؟