مرآة الحقيقة
في أحد القرى البعيدة، عاش رجل يدعى “أيمن”، معروف بصدقه وإخلاصه. كان أيمن يعمل في إصلاح الزجاج، وعُرف بمهارته الفائقة في هذا المجال. لكن ما ميزه عن غيره هو مرآة قديمة معلقة على جدار ورشته الصغيرة. كان الجميع يعتقد أنها مجرد مرآة عادية، لكنها كانت تخبئ سرًا لا يعلمه سوى أيمن.
البداية
توارث أيمن المرآة عن جده، الذي أخبره أن هذه المرآة تكشف حقيقة الشخص الذي يقف أمامها. إذا وقف شخص طيب أمامها، أظهرت صورته مشعة بالنور، أما إذا كان شخصًا شريرًا أو يحمل نوايا سيئة، فإن صورته تبدو مشوشة ومظلمة.
أيمن لم يكن يستغل هذه المرآة لأي غرض شخصي، لكنه كان يشعر بمسؤولية كبيرة تجاهها. كان يؤمن بأنها أمانة بين يديه، وأن استخدامها يجب أن يكون بحكمة.
الزبائن والمرآة
في أحد الأيام، جاء رجل غريب إلى الورشة. كان يرتدي ملابس فاخرة ويبدو عليه الثراء، لكنه كان متوترًا بشكل مريب. قال للرجل: “سمعت أن لديك مرآة خاصة. أريد استخدامها”.
تردد أيمن، لكنه قرر أن يمنحه فرصة. عندما وقف الرجل أمام المرآة، ظهر انعكاسه مشوهًا وغريبًا، وكأنه يحمل ظلًا مظلمًا خلفه. فهم أيمن أن هذا الرجل يخفي شيئًا، لكنه لم يواجهه مباشرة. بدلاً من ذلك، قال له: “المرآة تظهر الحقيقة فقط. هل هناك ما تخشاه؟”
انزعج الرجل وغادر بسرعة دون أن ينطق بكلمة.
لغز القرية
بعد مرور عدة أيام، اكتشف أهل القرية أن أحد المنازل قد تعرض للسرقة. بدأت الشائعات تنتشر، وعاد أيمن ليتذكر ذلك الرجل الغريب. شعر بأنه قد يكون له علاقة بالحادثة، لكنه لم يملك أي دليل ملموس.
قرر أيمن أن يتحدث مع شيخ القرية ويشرح له ما حدث. كان الشيخ رجلًا حكيمًا، لكنه طلب من أيمن أن يكون حذرًا وألا يعتمد فقط على المرآة في إصدار الأحكام. “الحقيقة تظهر بأكثر من طريقة، يا أيمن. المرآة قد تكون وسيلة، لكنها ليست كل شيء.”
المواجهة
في الليلة التالية، عاد الرجل الغريب إلى الورشة، لكنه هذه المرة كان يحمل كيسًا مليئًا بالأموال. عرض على أيمن مبلغًا ضخمًا مقابل بيع المرآة.
قال له أيمن: “لماذا تريد هذه المرآة بشدة؟ هل تخشى أن تكشف حقيقتك؟”
ارتبك الرجل وبدأ يروي قصته. اعترف بأنه سرق المنزل في القرية، لكنه لم يستطع النوم منذ ذلك اليوم. كان يشعر أن المرآة قد كشفت حقيقته، وأنها تطارده حتى في أحلامه.
الحل
بدلاً من تسليم الرجل للشرطة، قرر أيمن أن يعطيه فرصة للتوبة. قال له: “أعد المال المسروق واعتذر لأهل القرية. الحقيقة دائمًا تجد طريقها، والمرآة ليست سوى انعكاس لما بداخلنا.”
أطاع الرجل كلام أيمن وأعاد المال لأصحابه. لم يكن الأمر سهلاً، لكنه شعر براحة كبيرة بعد أن اعترف بخطئه.
الدرس
أصبحت مرآة الحقيقة رمزًا في القرية. لم يعد أحد يخاف منها، بل أصبحوا ينظرون إليها كوسيلة لتذكيرهم بأهمية الصدق والنوايا الحسنة. أدركوا أن الحقيقة ليست شيئًا يمكن الهروب منه، بل هي مرآة تعكس ما نحن عليه حقًا.
هل تعتقد أن مواجهة الحقيقة دائمًا هي الحل الأمثل،
أم أن هناك أوقاتًا يكون فيها الصمت أفضل؟