عين الغريب

عين الغريب

كانت قرية “الوديان” هادئة كما هي عادة القرى النائية، تحيط بها الجبال من كل جانب وتغمرها حقول القمح والزهور البرية. لكن في إحدى الليالي الغامضة، ظهر شخص غريب لم يعرفه أحد من سكان القرية، وكانت عيناه تحملان لغزًا عميقًا.

وصول الغريب

في المساء، وبينما كانت الشمس تغرب خلف الجبال، ظهر الغريب على أطراف القرية. كان يرتدي عباءة سوداء تغطي أغلب ملامحه، لكن عينيه كانت ظاهرة بوضوح. كانت واحدة منهما خضراء زاهية كأنها زمردة، والأخرى رمادية باهتة كأنها قطعة سحاب جامدة. كان الجميع في الساحة المركزية عندما اقترب بخطوات بطيئة وواثقة.

“من أنت؟ وماذا تريد؟” سأل مختار القرية بنبرة حذرة.

رد الغريب بصوت عميق: “أنا عابر سبيل أبحث عن مكان للمبيت وقليل من الماء.”

لم يكن في كلامه ما يثير الشك، لكن عيناه كانتا تثيران الريبة. أصر المختار على معرفة المزيد، لكن الغريب لم يقدم سوى إجابات غامضة. قرروا السماح له بالبقاء لليلة واحدة في منزل “حكيم”، الرجل الأكبر سنًا في القرية.

أحداث غريبة

منذ لحظة دخول الغريب إلى القرية، بدأت أشياء غريبة تحدث. في تلك الليلة، سمع السكان أصواتًا عجيبة أشبه بهمهمات غامضة آتية من الغابة المجاورة. وعند الفجر، استيقظ الجميع ليجدوا أن أحد حقول القمح قد احترق بالكامل دون سبب واضح.

كان حكيم أول من لاحظ أمرًا مريبًا في الغريب. أثناء جلوسهما لتناول العشاء، لاحظ أن عينيه تتغيران مع الضوء. أحيانًا تظهران بريقًا غريبًا، وأحيانًا تبدوان كأنهما تنطفئان. “من أنت حقًا؟” سأل حكيم.

نظر الغريب إليه بصمت للحظات، ثم قال: “أنا مجرد روح ضائعة تبحث عن سلام.”

الكشف عن السر

في اليوم التالي، قرر سكان القرية أن يراقبوا الغريب عن كثب. لاحظ الأطفال أنه يتحدث مع نفسه في الخفاء، بينما أقسم البعض أنهم رأوه يتجول ليلاً بالقرب من الغابة. كان ذلك كافيًا ليثير فزع الجميع.

دعا المختار إلى اجتماع طارئ في الساحة. “هذا الغريب يجلب الشؤم! يجب أن نطلب منه الرحيل فورًا.”

لكن قبل أن يتخذوا أي قرار، ظهر الغريب فجأة. وقف في منتصف الساحة وقال: “أعلم أنكم تشكون فيّ. لكنني هنا لسبب.” أخرج حجرًا صغيرًا من جيبه، كان يضيء بلون أزرق باهت. “هذا الحجر يرشدني إلى مكان معين. هناك شيء في قريتكم أبحث عنه.”

رحلة إلى الغابة

قرر المختار أن يرافق الغريب مع مجموعة صغيرة من رجال القرية إلى الغابة ليتحققوا من الأمر. قادهم الحجر إلى منطقة مهجورة بين الأشجار الكثيفة. هناك، وجدوا بئرًا قديمًا مغطى بالأعشاب.

“هذا ما أبحث عنه،” قال الغريب.

اقترب من البئر وبدأ يتمتم كلمات بلغة غريبة. فجأة، انبعث ضوء قوي من البئر، وأصبح الهواء مشحونًا بالطاقة. ظهر شبح لامرأة جميلة ذات عيون خضراء رمادية، تشبه عيني الغريب.

الحقيقة

قالت المرأة: “شكرًا لك يا بني. لقد أعدتني إلى هذا العالم.”

اكتشف أهل القرية أن الغريب كان يبحث عن روح أمه التي كانت محبوسة في البئر لسنوات بسبب لعنة قديمة. طلب منهم السماح له بالبقاء حتى ينهي مهمته. وافقوا على مضض، ولكن بشروط صارمة.

وداع الغريب

بعد أيام، غادر الغريب القرية بعد أن فك اللعنة. لم يترك خلفه سوى حجره الأزرق وذكرى لا تنسى في نفوس أهل القرية. عادت الحياة إلى طبيعتها، لكن سكان “الوديان” لم ينسوا أبدًا الرجل صاحب العينين الغريبتين، الذي جلب لهم الغموض وأخذ معه سرًا آخر.

نهاية القصة

الصورة الموصوفة للقصة: مشهد لبئر قديم في غابة كثيفة أثناء الليل، ينبعث منه ضوء أزرق مشع. حول البئر، يقف رجل غريب يرتدي عباءة سوداء، تظهر عيناه المختلفتان بوضوح. الأشجار المحيطة تبدو غامضة، وتظهر ظلال شخصيات القرية في الخلفية يراقبون المشهد بدهشة.