عندما يلتقي العاشقان بالقدر
مقدمة القصة
عالم القصص
في أحد أحياء المدينة القديمة، حيث تتمازج الأرصفة بالحكايات والذكريات، وتتناثر الأضواء الخافتة على جدران البيوت العتيقة، كان هناك شاب يُدعى “ليث”، يحمل بين أضلعه قلبًا ينبض بالحلم، وروحًا تائهة تبحث عن شيء لا يُوصف. لم يكن يعلم أن ذلك الشيء سيحمله القدر بين يديه في لحظة لم يتوقعها أبدًا.
في الجهة الأخرى من المدينة، كانت “سارة” تمشي كل صباح في نفس الطريق المؤدي إلى المكتبة العامة، تحمل كتابًا في يدها، وسماعات في أذنيها، لكنها كانت دومًا تبحث عن “شيء ما” لا تعرف اسمه، كأن قلبها يفتش عن صوت خافت يأتي من بعيد.
اللقاء الأول
عالم القصص
لم يكن يومًا مميزًا في ظاهره. كان صباحًا رماديًا، والسماء توحي بالمطر، والناس يسرعون في خطواتهم خشية البلل. جلس ليث في مقهى صغير يطل على زاوية شارع هادئ، يراقب العالم بصمت. كان يكتب في دفتره كلمات شعرية نابعة من قلبه، حتى دخلت سارة المقهى، تبحث عن مأوى من المطر.
عندما التقت عيناهما، لم يكن هناك ضوءٌ ساطع أو موسيقى درامية كما يحدث في الأفلام، لكن كان هناك صمت… صمت عميق ملأ اللحظة، وكأن الزمن قرر أن يتوقف احترامًا لهذا اللقاء.
طلبت كوبًا من الشاي وجلست بالقرب منه، دون أن تنظر إليه. لكن قلبه شعر بها، كأن شيئًا غير مرئي قد تحرك داخله. بعد لحظات، سقط قلمها على الأرض. انحنى ليث ليلتقطه، ولمّا التقت أعينهما مجددًا، ابتسمت وقالت:
“شكرًا.”
رد بابتسامة مماثلة: “العفو… هل تحبين الكتابة؟”
وهكذا بدأ كل شيء.
حكاية الأيام الجميلة
عالم القصص
بدأ الاثنان يلتقيان صدفة في البداية، ثم أصبحت الصدفة عادة، والعادة تحولت إلى شغف، والشغف نما ليصير حبًا حقيقيًا. جلساتهما كانت تمتلئ بالحديث عن الكتب، الأفلام، الأحلام، والخوف من المستقبل. كانا يشبهان بعضهما بشكل مخيف، كأن القدر صاغهما من نفس الخيوط.
في أحد الأيام، قال لها ليث: “أشعر وكأنني كنت أبحث عنك منذ سنوات، حتى قبل أن أعرفك.”
ردت بابتسامة دافئة: “وأنا أيضًا… كنت أبحث عنك في كل أغنية، في كل كتاب، وفي كل حلم.”
كانت سارة ترى في ليث الأمان، وكان هو يرى فيها الحياة. في عينيها وجد المعنى، وفي ابتسامته وجدت السلام. لكن كما هي الحياة دائمًا، لا تمنح كل شيء بسهولة.
عاصفة القدر
عالم القصص
مرت الأشهر، وكان كل شيء يبدو مستقرًا، حتى جاء اليوم الذي تغيّر فيه كل شيء. تلقّت سارة عرضًا للدراسة في الخارج، منحة لا تُرفض، كانت حلمًا قديمًا، لكنّها لم تكن تتوقع أن يتحقق الآن، في وقت امتلأ فيه قلبها بحب ليث.
أخبرته بالأمر، ورأت الحيرة في عينيه. لم يعترض، ولم يطلب منها البقاء. فقط نظر إليها وقال:
“سارة، أنتِ الحلم… وأنا لا أريد أن أكون الشخص الذي يمنعك من الطيران.”
سافرَت، وحمل كل منهما جزءًا من الآخر. في كل رسالة، كانت الكلمات تبكي، وفي كل مكالمة، كان الصمت أبلغ من الحديث.
مرت السنة الأولى، تلتها الثانية. ورغم المسافات، لم ينطفئ الشوق، لكنه تغيّر. أصبح ناضجًا، صامتًا، يشبه الشتاء الذي يحمل الدفء رغم البرد.
عودة غير متوقعة
عالم القصص
في يوم من الأيام، وبينما كان ليث يسير في نفس الشارع الذي التقيا فيه لأول مرة، سمع صوتًا خلفه ينادي باسمه. استدار ببطء، وإذا بها… سارة.
لم يخبرها أحد بعودتها، ولم تخبره هي. أرادت أن تكون المفاجأة تليق بحجم الاشتياق. وقفت أمامه، ثم قالت:
“عدت، لكن ليس فقط من أجل العمل أو الدراسة… عدت لأنني أدركت أن عالمي لا يكتمل إلا بوجودك.”
لم يقل شيئًا، فقط اقترب منها واحتضنها كمن وجد بيته بعد غربة طويلة.
النهاية… أو البداية؟
عالم القصص
عادا ليكتبا فصلاً جديدًا من حكايتهما، لكن هذه المرة كانا أقوى. عرفا أن الحب لا يُختبر في اللحظات السهلة، بل في الصبر، في الغياب، وفي القدرة على الانتظار.
ليث أصبح كاتبًا معروفًا، وسارة أسست مكتبة ثقافية للأطفال. كانا يعيشان الحب بطريقة مختلفة، ناضجة، واقعية، لكنها لا تخلو من السحر.
لم تكن قصتهما خرافية، لكنها كانت حقيقية. لأن القدر لا يجلب دائمًا السعادة السريعة، لكنه يعطي من يصبرون فرصة ليذوقوا المعنى الحقيقي للحب.
ماذا عنك؟
هل تؤمن أن الحب الحقيقي يمكن أن يصمد رغم المسافات والظروف؟ شاركنا رأيك في التعليقات!