عزف الكمان تحت القمر

عزف الكمان تحت القمر

عالم القصص

كانت الرياح تهب برفق، وتحرك أوراق الشجر في تناغم يشبه لحنًا خفيًا يعزفه الكون. جلست ليلى على ضفة النهر، تحمل في يدها كمانًا قديمًا ورثته عن جدها، الذي كان يعزف في ليالي القمر المكتمل. كان الكمان ذا لون بني داكن، تظهر عليه آثار الزمن، لكنه ما زال يحتفظ بسحره الفريد.

لم تكن ليلى تعرف الكثير عن العزف، لكنها كانت تشعر بشيء غريب يجذبها إلى هذا الكمان كلما نظرت إليه. أخبرها جدها قبل وفاته أن هذا الكمان يحمل سرًّا لا يعرفه سوى من يعزف عليه تحت ضوء القمر. كانت ليلى مترددة، لكنها قررت أن تجرب.

في تلك الليلة، كان القمر مكتملًا، والسماء صافية تلمع فيها النجوم. حملت ليلى الكمان واتجهت إلى البستان القريب من منزلها. كان المكان هادئًا تمامًا إلا من صوت الرياح وأصوات الحشرات الليلية. جلست تحت شجرة كبيرة، وبدأت تعزف بلحن بسيط تعلمته.

ما إن لامست أوتار الكمان حتى بدأت الأشياء تتغير. شعرت ليلى بنسيم دافئ يحيط بها، وبدأت الأزهار تتفتح واحدة تلو الأخرى، وكأنها تستجيب لصوت الكمان. كانت المفاجأة الكبرى عندما رأت ضوءًا خافتًا ينبعث من الكمان نفسه. توقفت عن العزف للحظة، لكنها شعرت بنداء داخلي يدفعها للاستمرار.

بدأت ليلى تعزف لحنًا لم تسمعه من قبل، وكأن الكمان يقودها. فجأة، ظهر أمامها شاب وسيم يرتدي ملابس قديمة الطراز. كان يبدو وكأنه خرج من قصة خيالية. قال لها بصوت هادئ: “لقد أحييتِ اللحن السحري. أنا أمير موسيقى القمر، ولطالما كنت أنتظر شخصًا يحررني من لعنتي.”

نظرت ليلى إليه بدهشة، وقالت: “من أنت؟ وكيف أحررتك؟”

أجابها: “كنت أميرًا يعشق الموسيقى، لكنني تحديت ساحرًا شريرًا في مسابقة عزف وخسرت. غضب الساحر مني وحولني إلى روح حبيسة داخل هذا الكمان. والطريقة الوحيدة لتحريري هي أن يعزف أحدهم اللحن السحري في ليلة قمر مكتمل.”

شعرت ليلى بالخوف والفضول في آن واحد. سألت: “وماذا سيحدث الآن؟”

قال الأمير: “سأعود إلى عالمي، لكنني أريد أن أشكرك على شجاعتك وعزفك الرائع. سأمنحك هدية خاصة كعربون امتنان.”

مد الأمير يده نحو الكمان، وتحول إلى ضوء ساطع غمر ليلى للحظة. عندما فتحت عينيها، وجدت نفسها ما زالت جالسة تحت الشجرة، لكن الكمان أصبح جديدًا تمامًا، وكأن الزمن عاد به إلى الوراء. شعرت ليلى بأن شيئًا ما تغير بداخلها. عندما بدأت تعزف، وجدت أن مهارتها قد تحسنت بشكل لا يصدق، وكأنها أصبحت موسيقية محترفة.

عادت ليلى إلى منزلها، وبدأت تعزف للناس في قريتها. أصبح الجميع ينبهر بلعبها، وذاع صيتها حتى وصلت أخبارها إلى المدن البعيدة. لكن ليلى لم تنسَ أبدًا تلك الليلة الغريبة، وتظل تتساءل عما إذا كان الأمير يراقبها من عالمه.

هل تعتقد أن ليلى ستكتشف سرًّا جديدًا عن الكمان في المستقبل؟ شاركنا رأيك!