حكاية الشتاء

حكاية الشتاء

مع بداية شهر ديسمبر، كانت السماء ملبدة بالغيوم، والبرد يلف الأجواء بعباءته البيضاء. في قرية صغيرة محاطة بالجبال، يعيش سامر، الفتى الصغير ذو العشرة أعوام، مع أسرته في بيت دافئ من الحجارة القديمة. القرية هادئة، تسكنها الطبيعة وذكريات الأجداد الذين تركوا بصمتهم في كل زاوية.

أولى نسمات الشتاء

كان سامر يعشق الشتاء بكل تفاصيله. ينتظر قدومه بفارغ الصبر، ليستمتع برائحة المطر وأصوات الرياح التي تهمس عبر النوافذ. في إحدى الليالي الباردة، بينما كان سامر جالسًا بجوار المدفأة يستمع إلى حكايات جدته، بدأت الثلوج تتساقط بغزارة، مغطيةً القرية بغطاء أبيض نقي. كانت الجدة تحكي قصة عن “روح الشتاء”، وهي أسطورة تتحدث عن كائن غامض يظهر في أشد الليالي بردًا ليساعد المحتاجين.

مغامرة تحت الثلج

في صباح اليوم التالي، قرر سامر استكشاف القرية المغطاة بالثلوج. ارتدى معطفه الثقيل وقبعته الصوفية وخرج برفقة كلبه الوفي، روكي. أثناء تجوله، لاحظ آثار أقدام غريبة تمتد عبر الثلوج نحو الغابة. شعر سامر بالفضول وقرر تتبعها.

كانت الغابة تبدو ساحرة تحت الثلوج، حيث انعكست أشعة الشمس على الأغصان المغطاة بالثلج، لتخلق مشهدًا يخطف الأنفاس. تبع سامر الآثار حتى وصل إلى كوخ خشبي قديم. كان الكوخ يبدو مهجورًا، لكن الدخان المتصاعد من مدخنته أوحى بأن هناك من يسكنه.

لقاء مع العجوز الحكيم

طرق سامر الباب بخفة، وإذا برجل عجوز يفتح له. كان العجوز يرتدي عباءة ثقيلة، وعيناه تلمعان بحكمة الزمن. رحب العجوز بسامر ودعاه للدخول. داخل الكوخ، كان الجو دافئًا ورائحة الأعشاب العطرية تملأ المكان. أخبر العجوز سامر بأنه يُدعى حكيم، وأنه يعيش في الكوخ منذ سنوات طويلة ليحمي “روح الشتاء”.

بدأ سامر يسأل العجوز عن قصة روح الشتاء. أجابه حكيم بأن روح الشتاء ليست مجرد أسطورة، بل هي طاقة طبيعية تساعد الطبيعة على التوازن. لكن في هذا الشتاء، أصبحت روح الشتاء ضعيفة بسبب تلوث البيئة وإهمال الناس للطبيعة.

مهمة سامر

أخبر العجوز سامر بأن عليه أن يقوم بمهمة خاصة لإنقاذ روح الشتاء. كانت المهمة تتطلب منه جمع ثلاث عناصر: ماء نقي من نبع الجبل، حطب من شجرة قديمة ماتت طبيعيًا، ونور شمعة من منزل سعيد.

قرر سامر قبول التحدي. شكره العجوز وأعطاه خريطة صغيرة تُظهر أماكن العناصر الثلاثة. ودّع سامر العجوز وبدأ رحلته.

الطريق إلى النبع

كانت الرحلة إلى النبع شاقة. صعد سامر الجبال وسط البرد القارس، لكن حماسه كان يدفئ قلبه. عندما وصل إلى النبع، وجد المياه صافية كالكريستال. ملأ زجاجته بالماء النقي وتوجه نحو الوجهة التالية.

جمع الحطب

في طريقه إلى الشجرة القديمة، واجه سامر عاصفة ثلجية. احتمى تحت شجرة كبيرة حتى هدأت الرياح. عندما وصل أخيرًا إلى الشجرة، كانت تقف شامخة وسط الثلوج، رغم أنها ماتت منذ زمن. جمع سامر بعض الأغصان الجافة ووضعها في حقيبته.

نور المنزل السعيد

كانت المهمة الأخيرة هي الحصول على نور شمعة من منزل سعيد. بدأ سامر يبحث عن المنزل المناسب، حتى وجد بيتًا صغيرًا تخرج منه أصوات ضحكات عائلية. طرق الباب بلطف، واستقبله سكان البيت بترحاب. عندما شرح لهم مهمته، أعطته الجدة شمعة مضاءة، متمنية له التوفيق.

عودة إلى الكوخ

عاد سامر إلى الكوخ، محملًا بالعناصر الثلاثة. شكره العجوز ووضع العناصر في موقد صغير. عندما اشتعلت النيران، ظهر نور أبيض ساحر ملأ المكان، وشعر سامر بدفء غريب يغمره. قال العجوز: “لقد أنقذت روح الشتاء. الآن ستعود الطبيعة إلى توازنها.”

درس الشتاء

عاد سامر إلى منزله وهو يشعر بالفخر. تعلم أن حماية الطبيعة ليست مجرد مسؤولية، بل هي واجب علينا جميعًا. ومنذ ذلك اليوم، أصبح سامر يزرع الأشجار وينشر الوعي بين أهل قريته عن أهمية العناية بالبيئة.

نهاية الحكاية

وهكذا، استمر الشتاء في إظهار جماله وسحره، وأصبحت حكاية سامر وروح الشتاء تُروى بين الأجيال كدرس عن الشجاعة وحب الطبيعة. كانت تلك الحكاية دليلًا على أن حتى أصغر الجهود يمكن أن تُحدث فرقًا كبيرًا.