قصص قصيره

حديقة الظلال

حديقة الظلال

في زاوية بعيدة من العالم، حيث تمتزج الغابات المظلمة مع ضوء القمر الفضي، تقع حديقة تُعرف باسم “حديقة الظلال”. لم يكن أحد يعرف تمامًا كيف ظهرت هذه الحديقة، ولكن الأساطير كانت تقول إنها مكان سحري تُحقق فيه الأحلام وتُكشف فيه الأسرار.

كانت ليلى، فتاة صغيرة تعيش في قرية مجاورة، تستمع دومًا إلى قصص كبار السن عن الحديقة. كانوا يقولون إن الحديقة تظهر فقط لأولئك الذين يمتلكون قلوبًا نقية، وإن من يدخلها يُمنح فرصة لمعرفة سر عظيم يمكن أن يغير حياته. لطالما حلمت ليلى بزيارة هذه الحديقة، لكن لم يسبق لها أن رأت أي علامة تدل على وجودها.

في إحدى الليالي الهادئة، بينما كانت ليلى جالسة بجوار نافذتها تتأمل السماء المرصعة بالنجوم، رأت نورًا خافتًا ينبعث من الغابة القريبة. شعرت بشيء غريب يدفعها للخروج والتحقق من هذا النور. ارتدت عباءتها، وأخذت مصباحها الصغير، وانطلقت بخطوات حذرة نحو الغابة.

كلما اقتربت ليلى من النور، زادت قوة شعورها بالإثارة والخوف. وبعد دقائق من السير بين الأشجار الكثيفة، وجدت نفسها أمام بوابة حجرية ضخمة مغطاة بالطحالب. كانت البوابة مفتوحة قليلاً، ومن خلفها كان ينبعث ذلك النور الغامض. دفعت ليلى البوابة بحذر ودخلت.

ما رأته داخل البوابة كان يفوق الخيال. كانت الحديقة مليئة بالزهور التي تتوهج بألوان لا يمكن وصفها، وأشجار تنبض بالحياة كأنها تهمس بأسرارها. كانت هناك بركة ماء صافية تعكس السماء كأنها مرآة. في وسط الحديقة، كان هناك مقعد حجري قديم يجلس عليه رجل مسن بملامح هادئة.

اقتربت ليلى من الرجل بحذر وسألته: “من أنت؟ وما هذه الحديقة؟”

ابتسم الرجل وقال: “أنا حارس هذه الحديقة. كل من يدخل هنا يملك سؤالاً في قلبه يبحث عن إجابته. ما هو سؤالك يا ليلى؟”

تفاجأت ليلى بأنه يعرف اسمها، لكنها شعرت بصدق كلماته. فكرت للحظة ثم قالت: “أريد أن أعرف لماذا أشعر دائمًا أنني مختلفة عن الآخرين. لماذا أرى أشياء لا يراها أحد؟”

أشار الحارس إلى بركة الماء وقال: “انظري إلى الماء وستجدين الإجابة.”

اقتربت ليلى من البركة ونظرت فيها. في البداية، رأت انعكاس وجهها فقط، لكن سرعان ما بدأت الصور تتغير. رأت نفسها وهي طفلة صغيرة تلعب تحت شجرة ضخمة في الغابة. رأت طيفًا غريبًا يظهر بجانبها ويمنحها زهرة متوهجة. تذكرت تلك اللحظة، لكنها كانت تعتقد دائمًا أنها مجرد حلم.

قال الحارس: “لقد اختارك العالم السحري لتكوني جسرًا بين عالم البشر وعالم السحر. تلك الزهرة التي حصلتِ عليها عندما كنت طفلة منحتك القدرة على رؤية ما لا يراه الآخرون.”

شعرت ليلى بمزيج من الدهشة والسعادة. سألت الحارس: “وماذا يجب أن أفعل بهذه القدرة؟”

أجاب الحارس: “استخدميها بحكمة لمساعدة الآخرين. هناك من يحتاج إلى النور الذي ترينه ليجد طريقه في الظلام.”

قبل أن تتمكن ليلى من طرح المزيد من الأسئلة، بدأ النور في الحديقة يخفت ببطء. قال الحارس: “لقد حان وقت المغادرة، لكن تذكري دائمًا أنك لست وحدك، وأن الحديقة ستظل دائمًا هنا لمن يستحقها.”

خرجت ليلى من الحديقة وعادت إلى قريتها، لكنها لم تنسَ أبدًا ما حدث. أصبحت تستخدم قدرتها الخاصة لمساعدة من حولها، وتعلمت أن تكون فخورة بما يجعلها مختلفة.

والآن، عزيزي القارئ، هل سبق لك أن شعرت بأنك مختلف عن الآخرين؟ وكيف تعاملت مع هذا الشعور؟

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى